responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سراج الملوك نویسنده : الطرطوشي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 159
عمر رضي الله عنه، فجاءه عمر فقال له: إني قد ضربت رجلاً وقد كنت معافى من هذا أن أضرب أحداً، فقال له عمر رضي الله عنه كذلك الإمام. قال: فما المخرج؟ قال: أن نأتي الرجل فنسأله أن يجعلك في حل. فأتياه فاستحلاه.
دلت الآثار على أن الأمير والمأمور في القصاص سواء، إذا جنى أحدهما على الآخر، وإن الأمير إذا ظلم المأمور زال تأمره عليه في ذلك المعنى، وكان الأمير في ذلك المعنى كبعض المؤمر عليهم حتى يتحاكموا إلى السلطان الأعظم. وكان عمر رضي الله عنه يقول: إنما بعثت أمرائي ليعلموا الناس دينهم ويقسموا بينهم فيئهم ويعدلوا فيهم، ولم أبعثهم ليضربوا أبشارهم ويحلقوا أشعارهم، فمن ظلمه أميره فلا إمرة له عليه، ذروني حتى آخذ له بحقه. فقال عمرو بن العاص: الله الله يا أمير المؤمنين! إن أدب رجل رجلاً من رعيته يقتص له منه؟ فقال عمر: أنا أقتص منه. وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه.
فأما القصاص بين البهائم فاختلف الناس في جشرها وفي جريان القصص بينها. فكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول حشرها موتها قال: وحشر كل شيء الموت إلا الجن والإنس فإنهما يوفيان يوم القيامة. وقال معظم المفسرين: إنها تحشر ويقتص منها. وقال أبي بن كعب: تحشر البهائم. وقال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذباب. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ما من دابة في الأرض إلا ستحشر يوم القيامة، ثم يقتص لبعضها من بعض ثم يقال لها: كوني تراباً واقرؤوا إن شئتم: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} إلى قوله {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} الأنعام: 38. وقال أبو الحسن الأشعري: لا يقطع بإعادة البهائم والمجانين ومن لم تبلغه الدعوة، ويجوز أن يعادوا ويدخلون الجنة، ويجوز أن لا يعادوا.
والدليل على ثبوت الإعادة في الجملة قوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} (التكوير: 5) . وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام: 38) . وروى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى إن الشاة الجلحاء لتقاد من الشاة القرناء. وقال أبو ذر رضي الله عنه: انتطحتا شاتان عند النبي صلى الله علي وسلم فقال: أتدري فيم انتطحتا؟ قلت: لا أدري، قال: لكن الله يدري وسيقضي بينهما، فقال أبو ذر رضي الله عنه: لقد تركنا النبي صلى الله عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً. وقال أبو ذر: إن الحجر ليسأل عن نكبة إصبع الرجل.
وفي الحديث الصحيح في مسلم والبخاري وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليأتي أحدكم على رقبته بعير لها رغاء، على رقبته بقرة لها خوار، على رقبته شاة تيعر ثم يبسط لها بقاع قرقر فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها، كلما مرت عليه أولاها عادت أخراها والحديث وارد في مانع الزكاة. قال أبو الحسن: لا تجري المقاصصة بين البهائم لأنها غير مكلفة ولا يجري عليها القلم. قال: وما ورد في ذلك من الأخبار نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم (يقتص للجماء من القرناء ويسأل العود لم خدش العود) فعلى سبيل المثل والإخبار عن شدة التقصي في الحساب وأنه لا بد أن يقتص للمظلوم من الظالم. وأبى ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني. قال في الجامع الجلي: يجري القصاص بينها، قال: ويحتمل أنها كانت تعقل هذا القدر في دار الدنيا فلهذا جرى فيه القصاص. قلت: وكلام الأستاذ له وجه في الصحة لأن البهيمة تعرف النفع والضر، فتنفر من العصا وتقبل العلف، وينزجر الكلب إذا زجر ويستأسد إذا شلي، والطير والوحش يفر من الجوارح استدفاعاً لشرها، ثم إنهم لم يجر عليهم القلم في الدنيا وإنما يرفع القلم عنها في الأحكام.
فإن قيل: القصاص انتقام وهو جزاء على جناية وقعت مخالفة للأمر، والبهائم ليست بمكلفة ولا لها عقول ولا جاءها رسول، والعقول عندكم لا يجب بها شيء على العقلاء فضلاً عن البهائم وفي هذا انفصال عن قول الأستاذ أبي إسحاق إنها

نام کتاب : سراج الملوك نویسنده : الطرطوشي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست