responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 68
يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَزِمَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَزْيَدَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَكَانَ لَا يَغِيبُ عَنْ مَجْلِسِهِ إلَّا لِعُذْرٍ، وَكَانَ عَالِمًا بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ، وَالظَّنُّ بِهِ مَعَ ثِقَتِنَا بِعِلْمِهِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْمُتَقَدِّمَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ مَتْرُوكٌ وَالْمُتَأَخِّرَ مَعْمُولٌ بِهِ، وَهُوَ قَدْ نَقَلَ مَذْهَبَهُ لِلنَّاسِ لِيَعْمَلُوا بِهِ.
وَاَلَّذِي يُعْمَلُ بِهِ هُوَ الْمُتَأَخِّرُ دُونَ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَوْ نُقِلَ قَوْلُ مَالِكٍ مُطْلَقًا لَأَوْرَثَ وَقْفًا وَحِيرَةً، وَيُعْتَقَدُ أَنَّهُ مَا نُقِلَ الْقَوْلُ إلَّا لِيُعْمَلَ بِهِ وَانْضَافَ إلَى ذَلِكَ كَثْرَةُ وَرَعِهِ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ الْمُتَأَخِّرُ، إلَّا أَنْ يُنْقَلَ الْمُتَقَدِّمُ وَيُنَصَّ عَلَيْهِ أَوْ يُرَى مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ أَنَّ مَأْخَذَهُ أَرْجَحُ فِي ظَنِّهِ مِنْ مَأْخَذِ الْمُتَأَخِّرِ فَيَحْكِي الْقَوْلَيْنِ، وَيَقُولُ: وَبِأَوَّلِ قَوْلَيْهِ أَقُولُ لَا عَلَى مَعْنَى التَّقْلِيدِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَلْ لِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ. وَأَمَّا مَنْ قَلَّدَ مَالِكًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الرَّاجِحُ لِمَصِيرِ مَالِكٍ إلَيْهِ آخِرًا مَعَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ مَنْ حَصَّلَ طَرَفًا مِنْ النَّظَرِ فِي طُرُقِ الِاجْتِهَادِ هَلْ لَهُ أَنْ يُرَجِّحَ أَحَدَ الْأَقْوَالِ؟ . فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِمَأْخَذِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ مَاهِرًا فِي الْأُصُولِ عَالِمًا بِمَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ عَالِمًا بِالتَّرْجِيحِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَقَدْ أَخَذَ بِطَرَفٍ مِنْ النَّظَرِ وَاسْتَأْنَسَ بِمَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِيمَا نَقَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِ مَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْمَذْهَبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَلْيَنْتَقِلْ إلَى مَذْهَبٍ آخَرَ فَلْيُقَلِّدْ مَنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ، فَإِنْ كَانَ شَغَرَ الزَّمَانُ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْمُفْتِينَ فِي الْمَذَاهِبِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَوْ لَا؟ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَا أَذْكُرُ فِيهَا نَصًّا لِعَالِمٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي التَّقْلِيدُ لِضَرُورَةِ الْعَمَلِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عِنْدَ شُغُورِ الزَّمَانِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَمْ نَجِدْ قَوْلًا لِمُجْتَهِدٍ مَيِّتٍ وَوَجَدْنَا مَنْ حَصَّلَ طَرَفًا مِنْ النَّظَرِ وَأَحْكَمَ الْأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الْآنَ مُجْتَهِدٌ وَهَذَا مَذْهَبِي، فَهَذَا الِاعْتِقَادُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ دَعْوَاهُ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ فَهِيَ مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ.

نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست