responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 199
وَفِي الَّذِي وَجَدَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عِنْدَ أَحَدِ الْحُكَّامِ وَهُوَ يَضْرِبُ بِدَعْوَى صَبِيٍّ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ يُدْمِي فَضَرَبَهُ الْحَاكِمُ فِيمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنْ إصَابَتِهِ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ وَمَالِكٌ جَالِسٌ عِنْدَهُ حَتَّى ضَرَبَ ثَلَثَمِائَةِ سَوْطٍ وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ مَعَ مَا تَقَدُّمٍ لَهُ مِنْ الضَّرْبِ قَبْلَ وُصُولِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ انْتَهَى بِهِ الضَّرْبُ إلَى سِتِّمِائَةِ سَوْطٍ، وَفِي أَهْلِ حِصْنٍ مِنْ الْعَدُوِّ يَأْتُونَ مُسْلِمِينَ رِجَالًا وَنِسَاءً حَوَامِلَ وَغَيْرَ حَوَامِلَ فَيُصَدَّقُونَ فِي أَنْسَابِهِمْ وَيَتَوَارَثُونَ إذَا كَانُوا جَمَاعَةً لَهُمْ عَدَدٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعِشْرُونَ عِنْدِي جَمَاعَةٌ فَأَيْنَ الْإِعْذَارُ فِي هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ، وَإِذَا كَانَ مَالِكٌ يَرَى فِي أَهْلِ الظُّلْمِ لِلنَّاسِ وَالسَّلَّابِينَ وَالْمُحَارِبِينَ وَنَحْوِهِمْ أَنْ يُقْطَعَ عَنْهُمْ الْإِعْذَارُ فَالظَّالِمُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ بِأَنْ يُقْطَعَ عَنْهُ الْإِعْذَارُ فِيمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي مُتَقَرِّبٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِسْقَاطِ التَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ فِي طَلَبِ الْمَخَارِجِ لَهُ بِالْإِعْذَارِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ أُمُّ الْقَضَايَا وَلَا إعْذَارَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَإِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُمَا أَيْضًا مَلَاذُ الْحُكَّامِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا إعْذَارَ فِيهِمَا وَلَا إقَالَةَ مِنْ حُجَّةٍ وَلَا مِنْ كَلِمَةٍ، غَيْرَ أَنَّ الْإِعْذَارَ فِيمَا يَتَحَاكَمُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَسْبَابِ الدِّيَانَاتِ اسْتِحْسَانٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَأَنَا عَلَى اتِّبَاعِهِمْ فِيهِ وَالْأَخْذِ بِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ مُسْتَحْكِمَةٍ فِيمَا أَوْجَبُوا الْإِعْذَارَ فِيهِ مِنْ الْحُقُوقِ، وَأَلْتَزِمُ التَّسْلِيمَ لِمَا اسْتَحْسَنُوهُ، إذْ هُمْ الْقُدْوَةُ وَالْهُدَاةُ.
فَأَمَّا فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ وَتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَمْ أَسْمَعْ بِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِمَّنْ وَصَلَ إلَيْنَا عِلْمُهُ وَمِمَّا لَا إعْذَارَ فِيهِ شَهَادَاتُ مَنْ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الْحَاكِمِ وَيَشْهَدُ عِنْدَهُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، وَمِنْهَا شَهَادَاتُ مَنْ يُعْذِرُ لَهُمْ الْحَاكِمُ إلَى مَنْ تَحْجُبُهُ الْأَحْوَالُ الْمَانِعَةُ مِنْ مُشَاهَدَتِهِمْ لِلشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَهَؤُلَاءِ لَا إعْذَارَ فِيهِمْ.

نام کتاب : تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام نویسنده : ابن فرحون    جلد : 1  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست