نام کتاب : الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية نویسنده : ابن الطقطقي جلد : 1 صفحه : 160
والهند والصّين والبصرة، وفي الفرات من الرقّة والشأم، وتجيئك الميرة أيضا من خراسان وبلاد العجم في شطّ تامرّا. وأنت يا أمير المؤمنين: بين أنهار، لا يصل عدوّك إليك إلا على جسر أو قنطرة، فإذا قطعت الجسر أو أخربت القنطرة، لم يصل إليك عدوّك. وأنت متوسّط للبصرة والكوفة، وواسط والموصل والسّواد.
وأنت قريب من البرّ والبحر والجبل. فازداد المنصور جدّا وحرصا على بنائها، وكاتب الأطراف بإنفاذ [1] الصنّاع والفعلة وأمر باختيار قوم من ذوي العدالة والعقل والعلم والأمانة والمعرفة بالهندسة ليتولّوا قسمة المدينة وعملها، وشرع فيها سنة خمس وأربعين ومائة.
وكان أبو حنيفة [2]- رضي الله عنه- صاحب المذهب يعدّ اللّبن والآجرّ وهو الّذي اخترع عدّه بالقصب اختصارا وجعل المنصور عرض السّور من أساسه خمسين ذراعا، ومن أعلاه عشرين ذراعا، ووضع بيده أوّل لبنة وقال: بسم الله والحمد للَّه إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها من يَشاءُ من عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.. 7: 128 [3] ثمّ قال: ابنوا فابتدأ بها سنة خمس وأربعين ومائة، وتمّمها في سنة ستّ وأربعين ومائة، وجعلها مدوّرة وجعل قصره في وسطها لئلا يكون أحد أقرب إليه من الآخر. وبلغ الخرج عليها أربعة ألف ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثين درهما. ولما فرغت حاسب القوّاد بما كان حوّل عليهم لعمارتها، فألزمهم بالبواقي حتّى استوفى من بعضهم ما اقتضاه الحساب خمسة عشر درهما.
أسماؤها: يقال: بغداد، وكان هناك موضع يسمى: بغداد فسمّيت المدينة باسمه ويقال: بغداذ بالذال المعجمة، ويقال بغدان بالنون، ويقال: الزّوراء وكان موضعها يسمّى الزوراء قديما، وقيل: لأن قبلتها غير مستقيمة، ويحتاج المصلّى في مسجدها الجامع أن ينحرف إلى جهة اليسار قليلا. ويقال: مدينة المنصور. [1] إنفاذ: إرسال. [2] أبو حنيفة: نعمان بن ثابت، إمام المذهب الحنفي. كانت ولادته بالكوفة وقد درّس فيها وأفتى. استدعاه المنصور لتولي القضاء في بغداد فأبى فحبسه حتى مات عام/ 150/ هـ. [3] الآية 128 من سورة الأعراف.
نام کتاب : الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية نویسنده : ابن الطقطقي جلد : 1 صفحه : 160