responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 76
إحْضَارُهُ، وَهُوَ لَا يُحْضِرُهُ؛ كَالْقُطَّاعِ وَالسُّرَّاقِ وَحُمَاتِهِمْ، أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ خَبِيرٌ بِهِ وَهُوَ لَا يُخْبِرُ بِمَكَانِهِ. فَأَمَّا إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِخْبَارِ وَالْإِحْضَارِ، لِئَلَّا يَتَعَدَّى عَلَيْهِ الطَّالِبُ أَوْ يَظْلِمَهُ، فَهَذَا مُحْسِنٌ. وَكَثِيرًا مَا يَشْتَبِهُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، ويجتمع شبهة وشهوة. وَالْوَاجِبُ تَمْيِيزُ الْحَقِّ مِنْ الْبَاطِلِ. وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي الرُّؤَسَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرَةِ، إذَا اسْتَجَارَ بِهِمْ مُسْتَجِيرٌ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ صَدَاقَةٌ، فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الْحَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَالْعِزَّةَ بالإِثم، وَالسُّمْعَةَ عِنْدَ الْأَوْبَاشِ: أَنَّهُمْ يَنْصُرُونَهُ -وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا مُبْطِلًا- عَلَى الْمُحِقِّ الْمَظْلُومِ؛ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَظْلُومُ رَئِيسًا يُنَادِيهِمْ ويناويهم، فيرون في تسليم المستجير بهم إلى من يناويهم ذُلًّا أَوْ عَجْزًا؛ وَهَذَا -عَلَى الْإِطْلَاقِ- جَاهِلِيَّةٌ محضة. وهي مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ فَسَادِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَقَدْ ذكر أنه إنما كان سبب كثير مِنْ حُرُوبِ الْأَعْرَابِ، كَحَرْبِ الْبَسُوسِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ بَنِي بَكْرٍ وَتَغْلِبَ، إلَى نَحْوِ هَذَا، وكذلك سبب دخول الترك، والمغول دار الإسلام، واستيلائهم عَلَى مُلُوكِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ وَخُرَاسَانَ: كَانَ سببه نحو هذا. ومن أذل نفسه لته فَقَدْ أَعَزَّهَا، وَمَنْ بَذَلَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ أَكْرَمَ نَفْسَهُ، فَإِنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ. وَمَنْ اعْتَزَّ بِالظُّلْمِ: مِنْ مَنْعِ الْحَقِّ، وَفِعْلِ الْإِثْمِ، فَقَدْ أَذَلَّ نَفْسَهُ وَأَهَانَهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10] (سورة فاطر: من الآية 10) . وَقَالَ تَعَالَى عَنْ الْمُنَافِقِينَ: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8] (سورة المنافقون: الآية 8) . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ هَذَا الضَّرْبِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ - وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ - وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 204 - 206] (سورة البقرة: الآيات 204-206) .

نام کتاب : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست