responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 151
وَلَو شَاءَ مُعَاوِيَة أَن يَجْعَلهَا شُورَى كَمَا نصح لَهُ بعض كبراء الصَّحَابَة (رَضِي الله عَنْهُم) وَيجْعَل قومه وَغَيرهم مؤيدين لمن ينتخب انتخابا شَرْعِيًّا بِالِاخْتِيَارِ من أهل الشورى لفعل، وَمَا مَنعه إِلَّا حب الدُّنْيَا وفتنة الْملك، وَلَكِن عمر بن عبد الْعَزِيز لم يكن يَسْتَطِيع ذَلِك بعد أَن استفحل أَمرهم، وصاروا محيطين بِمن يتَوَلَّى الْأَمر مِنْهُم. .
وَفِي كتاب الْفِتَن من صَحِيح البُخَارِيّ أَن أَبَا بَرزَة الصَّحَابِيّ الْجَلِيل سُئِلَ - وَكَانَ بِالْبَصْرَةِ - عَن التَّنَازُع على الْخلَافَة بَين مَرْوَان وَابْن الزبير والخوارج - وَهُوَ أثر سنة مُعَاوِيَة - فَقَالَ: احتسبت عِنْد الله أَنِّي أَصبَحت ساخطا على أَحيَاء قُرَيْش، إِنَّكُم يَا معشر الْعَرَب كُنْتُم على الْحَال الَّذِي علمْتُم من الذلة والقلة والضلالة وَإِن الله أنقذكم بِالْإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَتَّى بلغ بكم مَا ترَوْنَ وَهَذِه الدُّنْيَا الَّتِي أفسدت بَيْنكُم، إِن ذَاك الَّذِي فِي الشَّام وَالله إِن يُقَاتل إِلَّا على الدُّنْيَا وَإِن هَؤُلَاءِ الَّذين بَين أظْهركُم وَالله إِن يُقَاتلُون إِلَّا على الدُّنْيَا، وَإِن ذَاك الَّذِي بِمَكَّة وَالله إِن يُقَاتل إِلَّا على الدُّنْيَا. أهـ. . وَيَعْنِي بالذين بَين أظْهركُم الْخَوَارِج الَّذِي يسمون الْقُرَّاء، وَلذَلِك جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى زِيَادَة: يَزْعمُونَ أَنهم قراؤكم. .
نعم إِن الْأَوَّلين من بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس استخدموا طبيعة الْملك وتوسلوا بِهِ إِلَى مَقَاصِد الْخلَافَة كنشر الْإِسْلَام ولغته وإعزازه وَفتح الممالك وَإِقَامَة الْعدْل بَين النَّاس كَافَّة. . إِلَّا مَا كَانَ من الانتقام من المتهمين بِطَلَب الْخلَافَة وَمن التَّصَرُّف فِي بَيت المَال. . قَالَ ابْن خلدون بعد تَفْصِيل لَهُ فِي هَذَا الْبَاب: فقد صَار الْأَمر إِلَى الْملك وَبقيت مَعَاني الْخلَافَة من تحري الدّين ومذاهبه والجري على منهاج الْحق، وَلم يظْهر التَّغَيُّر إِلَّا فِي الْوَازِع الَّذِي كَانَ دينا ثمَّ انْقَلب عصبية وسيفا. . وَهَكَذَا كَانَ الْأَمر لعهد مُعَاوِيَة ومروان وَابْنه عبد الْملك والصدر الأول من خلفاء بني الْعَبَّاس إِلَى الرشيد وَبَعض وَلَده ثمَّ ذهبت مَعَاني الْخلَافَة وَلم يبْق إِلَّا اسْمهَا، وَصَارَ الْأَمر ملكا بحتا، وَجَرت طبيعة التغلب إِلَى غايتها، واستعملت فِي أغراضها من الْقَهْر والتقلب فِي الشَّهَوَات والملاذ، وَهَكَذَا كَانَ الْأَمر لولد عبد الْملك وَلمن جَاءَ بعد الرشيد من بني الْعَبَّاس، وَاسم الْخلَافَة بَاقِيا فيهم لبَقَاء عصبية الْعَرَب، والخلافة وَالْملك فِي الطورين ملتبس بعضهما بِبَعْض. ثمَّ ذهب رسم الْخلَافَة وأثرها بذهاب عصبية

نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست