responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 126
تعلق أَكثر مُسْلِمِي الأَرْض بمحبة دولة التّرْك، واعتبارهم إِيَّاهَا هِيَ الدولة الممثلة لخلافة النُّبُوَّة مَعَ فقد سلطانهم لما عدا الْقُوَّة والاستقلال من شُرُوطهَا الْخَاصَّة، وَلَوْلَا ذَلِك لاعترفوا بخلافة إِمَام الْيمن لشرف نسبه وَعلمه بِالشَّرْعِ واستجماعه لغير ذَلِك من شُرُوط الْخلَافَة ذَلِك بِأَن الشُّرُوط تعد ثانوية بِالنِّسْبَةِ إِلَى أصل الْمَطْلُوب.
مِثَال ذَلِك أَن الْحُكُومَة المصرية تشْتَرط فِي مستخدميها أَن يَكُونُوا مصريي الْجِنْس عارفين باللغة الْعَرَبيَّة حاملين لشهادات مَخْصُوصَة وَلكنهَا عِنْدَمَا تحْتَاج إِلَى مستخدم فني لعمل لَا يُوجد مصري يعرفهُ تتْرك اشْتِرَاط ذَلِك فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقدم الْمُسْتَوْفى للشروط على غَيره إِذا كَانَ قَادِرًا على أصل الْعَمَل الْمَطْلُوب.
وَكَانَ الْغَرَض لنا من هَذَا أَلا يغتروا بِمَا يعلمُونَ من عدم استجماع الْخَلِيفَة التركي لشروط الْخلَافَة، وَلَا بِمَا كَانُوا يرْمونَ إِلَيْهِ من جعل شرِيف مَكَّة خَليفَة بعد اعترافه لَهُم بِأَن مَكَان الْأمة الْعَرَبيَّة من انكلترة مَكَان الْقَاصِر - بالطفولية أَو العته - من الْوَصِيّ وَرضَاهُ بحمايتهم لَهُ وَلها، وَقد صرحنا للوزير فِي هَذِه المذكرة بِأَن الَّذِي يُرْضِي الْعَالم الإسلامي من دولته ترك الشعوب الإسلامية الْعَرَبيَّة والتركية والفارسية أحرارا مستقلين فِي بِلَادهمْ وَبَقَاء مَسْأَلَة الْخلَافَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ إِلَى أَن يُمكن تأليف مؤتمر إسلامي عَام لحل مشكلتها، وَقد بَينا فِيهَا أَيْضا أَن هَذِه الدولة مستهدفة لعداوة الشرق كُله بالتبع لعداوة الْعَالم الإسلامي، فَلَا يغرنها ضعف الْمُسلمين وتفرقهم فتحتقر عداوتهم مَعَ كَونهم مئات الملايين فَإِنَّهُم لن يَكُونُوا أَضْعَف من " ميكروبات الأوبئة " وسننشر هَذِه المذكرة فِي الْوَقْت الْمُنَاسب. .
لم يبال هَذَا الْوَزير بنصح هَذِه المذكرة فاستمر على سياسة الْقَضَاء على دولة التّرْك واستعباد الْعَرَب حَتَّى خذله الله وخذله قومه وأسقطوا وزارته، وَلَكِن بَقِي أَشد أنصاره فِي الوزارة الَّتِي خلفتها وَهُوَ لورد كرزون الَّذِي هُوَ أَشد تعصبا وعداوة للْمُسلمين مِنْهُ فَلذَلِك لم يتَغَيَّر من سياسة الدولة شَيْء فِي الْمَسْأَلَة الإسلامية إِلَّا مَا اضطرت إِلَيْهِ من مجاملة الدولة التركية الجديدة بعد تنكيلها بالجيش اليوناني الَّذِي أغرته وزارة لويد جورج بِالْقضَاءِ على مَا بَقِي للترك من الْقُوَّة فِي الأناضول، فأثبتت بذلك أَنَّهَا لَا تلين إِلَّا للقوة، وَأما الْحق وَالْعدْل وَالْوَفَاء بالعهود والوعود فلهَا فِي قَامُوس سياستها معَان أُخْرَى غير مَا يعرفهُ سَائِر الْبشر فِي لغاتهم. .

نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست