responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 124
الْخلَافَة ودول الإستعمار:

من البديهي أَن إِقَامَة الْخلَافَة الإسلامية يسوء رجال دوَل الاستعمار، وَأَنَّهُمْ قد يقاومونها بِكُل مَا أُوتوا من حول وَقُوَّة، وأحرصهم على ذَلِك الدولة البريطانية، وَلَا أَجْهَل مِمَّن يظنون أَنَّهَا كَانَت تسْعَى قبل الْحَرْب لجعل الْخلَافَة فِي الْأمة الْعَرَبيَّة إِلَّا الَّذين يظنون الْيَوْم أَنَّهَا تود الْيَوْم تأسيس دولة أَو دوَل عَرَبِيَّة، وَلَو كَانَت تُرِيدُ هَذَا من قبل لَكَانَ أقرب طرقه مساعدة أَئِمَّة الْيمن المجاورين لَهَا فِي منْطقَة عدن على التّرْك بِالسِّلَاحِ وَالْمَال لتنظيم جيشهم والاستيلاء على الْحجاز، فَإِن حُكُومَة الْإِمَامَة فِي الْيمن قَوِيَّة عادلة قديمَة راسخة يرجع تاريخها إِلَى الْقرن الثَّالِث من الْهِجْرَة، وَقد حاربتها الدولة العثمانية زهاء أَرْبَعَة قُرُون لإسقاطها فعجزت عَن ذَلِك، وَلَكِن الْحُكُومَة البريطانية كَانَت لَهَا بالمرصاد وَمَا زَالَت تكيد لَهَا، وتسعى بالدسائس والفتن للتدخل فِي شئونها، والتوسل بذلك للاستيلاء عَلَيْهَا، وَلم تستطع ذَلِك، وَلنْ يَجْعَل الله لَهَا عَلَيْهَا سَبِيلا.
وَقد اشْتهر لَدَى الْخَاص وَالْعَام أَن الدولة البريطانية كَانَت ظهيرة للخلافة العثمانية التركية، وَمَا ذَلِك إِلَّا لعلمها أَنَّهَا صورية، وَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تنْتَفع بِإِظْهَار صداقتها لَهَا، وَكَانَ رجال هَذِه الدولة الداهية أعلم النَّاس بِأَن هَذِه الدولة قد دب فِي جسمها الانحلال، وَأَنَّهَا سائرة فِي طَرِيق الفناء والزوال، وَإِنَّمَا كَانُوا يحاولون أَن تبقى حصنا بَين القيصرية الروسية المخيفة بِسُرْعَة تكونها ونموها وَبَين الْبَحْر الْأَبْيَض الْمُتَوَسّط، على شَرط أَن تكون قُوَّة هَذَا الْحصن بِمَا وَرَاءه من المساعدة البريطانية لَا بِنَفسِهِ، وَقد بَينا هَذَا فِي الْمنَار من قبل، وَأَن الْغَازِي أَحْمد مُخْتَار باشا وَافَقنَا على أَن قَاعِدَة الدولة البريطانية فِي السياسة العثمانية أَلا تَمُوت الدولة وَلَا تحيا، وَبينا أَيْضا أَن هَذِه الْقَاعِدَة قد تَغَيَّرت بِمَا كَانَ بَين الدولتين البريطانية والروسية على مسَائِل الشرق، واقتسامهما بِلَاد إيران قبل الْحَرْب، وَأَنَّهَا لم تجنح إِلَى إِقَامَة خلَافَة عَرَبِيَّة صورية تكون آلَة بِيَدِهَا إِلَّا بعد الْحَرْب الْعَامَّة، والتمكن من خداع شرِيف مَكَّة وتسخيره لمساعدتها، وَنَحْمَد الله أَن جعلنَا من أَسبَاب خيبة هَذَا السَّعْي حَتَّى لم يتم لَهَا.

نام کتاب : الخلافة نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست