responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة    جلد : 1  صفحه : 720
وكان الفروض أن ينجح القضاة فيما أخفق فيه العلماء؛ لأن القاضي يراد منه أن يعالج حالات فردية واحدة بعد واحدة غير متأثر إلا بظروف هذه الحالة وحدها, أما العلماء فيراد منهم أن يعالجوا كل الحالات مرة واحدة ويضعوا لها قواعد تنطبق عامة عليها وتحكمها جميعاً. كان هذا هو المفروض المقدور, فهل صح الفرض ونجح التقدير أم أخفق القضاة كما أخفق من قبلهم العلماء؟ إن مقياس النجاح في هذا الباب هو أثر العقوبة في علاج الجريمة وكبح جماح المجرمين, ونظرة واحدة إلى إحصائيات الجرائم سنة بعد أخرى تقطع بأن القضاة قد أخفقوا إخفاقاً لا يساويه إلا إخفاق من سبقهم من العلماء في معالجة نظرية العقوبة.
500 - لماذا أخفق القضاة في تطبيق نظرية العقوبة؟: والواقع أن الذين قدروا للقضاة النجاح أخطأوا التقدير الصحيح, ولو أنهم أحسنوا تقدير الأمور بعض الشيء لما وقعوا في هذا الخطأ الشنيع, لقد عرفوا أن العلماء قد عجزوا عن تكوين نظرية سليمة للعقوبة؛ لأنهم أرادوا أن يجمعوا بين مبادئ متعارضة ويجعلونها ماثلة في كل العقوبات, فكيف يتوقعون نجاح القضاة وهم يجبرونهم على أن يسلكوا نفس السبيل حين أباحوا لهم يراعوا كل هذه المبادئ في كل جريمة دون استثناء؟ وهل يستطيع القاضي أن يوفق في أي جريمة خطيرة بين خطورة الجرائم وبين ظروف الجاني المخففة إلا على حساب الجريمة بأن ينزل عن العقوبة التي تقتضيها خطورة الجريمة ليحكم بعقوبة تتلاءم مع ظروف الجاني بقدر الإمكان, وهذا الحكم الذي ينقذ الجاني من العقوبة المغلظة يضحي في الوقت نفسه بأمن الجماعة ونظامها, ويؤدي إلى نتيجة لا محيص عنها هي استخفاف المجرمين بالعقوبة وتهالكهم على الجريمة؛ فتزداد الجرائم ويختل الأمن, فالعقوبة التي وضعت لصلاح المجتمع يؤدي إلى إفساده إذا ما أسيء استعمالها, ولابد للقاضي أن يسيء استعمالها على الوجه الذي بينا بحكم الظروف القاهرة التي أحاطه بها القانون الوضعي.

نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة    جلد : 1  صفحه : 720
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست