نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 621
الحدود، وعلة التفرقة أن جرائم الحدود يصيب ضررها المباشر الجماعة أكثر مما يصيب الأفراد، وأن جرائم القصاص والدية مع مساسها بكيان المجتمع يصيب ضررها المباشر الأفراد أكثر مما يصيب الجماعة، فالسرقة والحرابة والقذف والشرب والردة والبغي هي في ذاتها تهديد للجماعة واعتداء عل أمنها ونظامها أكثر مما هي تهديد واعتداء على الأفراد الذين تقع عليهم، فالفرد قد يسرق منه بعض ماله فلا يحزنه ما سرق منه بقدر ما يهدده هذا العمل ويخيفه على بقيه ماله وبقدر ما يخيف جيرانه ومعارفه وأهل بلده ويهدد أموالهم بخطر السرقة، ومثل ذلك يقال عن بقية جرائم الحدود, فضررها على الجماعة أشد من ضررها على الأفراد. أما جرائم القتل والجرح فهي تصيب الأفراد بأكثر مما يصيب الجماعة، وتعتبر إلى حد ما جرائم شخصية، بمعنى أن مرتكبها لا يقصد الاعتداء على كل شخص يلقاه إنما يقصد الاعتداء على شخص بعينه، فإذا لم يستطع الوصول إليه لم يعتد على غيره، ولهذا لا يهز الاعتداء الجماعة فإذا وقع لا يؤثر على أمنها تأثيراً شديداً، أما السارق مثلاً فإنه يطلب المال أنى وجده، فإن لم يستطع سرقة شخص بذاته سرق أي شخص آخر؛ لأنه يقصد المال وهو في يد كل الأفراد، وكذلك الزاني فإنه لا يطلب امرأة بعينها إنما يطلب المرأة أياً كانت، فإذا تعسرت عليه امرأة بحث عن غيرها.
ولأن جرائم القصاص والدية تمس الفرد أكثر مما تمس الجماعة ترك للمجني عليه وأوليائه أن يختاروا بين القصاص والدية في حالة العمد، وجعلت الدية من حق المجني عليه كتعويض له عما أصابه من الجريمة، وترك له أن يعفو عن القصاص وعن الدية معاً.
441 - نظرية العقاب في القوانين الوضعية: كانت القوانين الوضعية حتى أواخر القرن الثامن عشر تنظر إلى المجرم نظرة تفيض عنفاً وقسوة، وكان
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 621