نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 543
وعند مالك أن المحارب إذا قتل فلابد من قتله، وليس للإمام تخيير في قطعه ولا في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه، وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه، ومعنى التخيير عند مالك أن الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام، فإن كان المحارب ممن له الرأي والتدبير فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه؛ لأن القتل يرفع ضرره، وإن كان لا رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلاف، وإن كان ليس فيه شيء من هاتين الصفتين أخذ بأيسر ذلك فيه وهو النفي والتعزير [1] .
والحرابة جريمة من جرائم الحدود وعقوبتها حدود، والقاعدة أن عقوبة الحد لازمة فلا تسقط بإهمال تنفيذها ولا بالعفو عنها. ولكن عقوبات الحرابة تسقط استثناء بالتوبة لقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 34] ، فإذا تاب المحارب سقطت عنه عقوبات القتل والصلب والقطع والنفي؛ أي العقوبات المقررة حداً لجريمة الحرابة، بشرط أن تكون التوبة قبل القدرة عليه، فإن تاب بعد القدرة لم يسقط عنه شيء [2] .
ويترتب على التفصيلات التي ذكرناها أن المحارب يختلف حاله في الإهدار باختلاف رأي الفقهاء فيما إذا كانت العقوبات جاءت على وجه الترتيب أو التخيير، فإذا قلنا إنها جاءت غلى الترتيب فالمحارب يهدر دمه بالقتل، وبالقتل وأخذ المال، وتهدر يده اليمنى ورجله اليسرى بأخذ المال فقط، ولا يهدر منه شيء بإخافة السبيل فقط؛ لأن العقوبة النفي وهو غير متلف. وإن قلنا إن العقوبات على التخيير فالمحارب يهدر دمه بالقتل؛ لأن العقوبة هي القتل [1] بداية المجتهد ج2 ص380، 381. [2] المغني ج10 ص315، بداية المجتهد ج2 ص382.
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 543