نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 536
والقاعدة العامة عند الشافعيين أن غير المعصوم معصوم على أنداده، فالمرتد غير معصوم ولكنه معصوم على شبيهه [1] ، فلا يباح دمه لمرتد مثله، فإن قتله فهو قاتل متعمد ولو أسلم فيما بعد، بخلاف ما لو قتله مسلم فإنه لا يعتبر قاتلاً، وكذلك لو قتله ذمي على الرأي الراجح [2] ، ويطبق الشافعيون قاعدتهم هذه على كل المهدرين، ولكن الفقهاء الآخرين لا يأخذون بهذه القاعدة.
وقتل المرتد يعتبر واجباً في الشريعة الإسلامية على كل فرد وليس حقاً؛ لأن عقوبة الردة من الحدود وهي واجبة الإقامة ولا يجوز العفو عنها ولا تأخيرها، ولا يعفى الأفراد من هذا الواجب أن يعهد بإقامته إلى السلطات العامة، ولا يسقط هذا الواجب عن الأفراد إلا إذا نفذته السلطات فعلاً.
وتختلف القوانين عن الشريعة الإسلامية في أنها لا تعاقب على تغيير الدين بالذات، ولكنها تأخذ بنظرية الشريعة وتطبقها على من يخرج على النظام الذي تقوم عليه الجماعة، فالدولة الشيوعية تعاقب من رعاياها من يترك المذهب الشيوعي وينادي بالديموقراطية أو الفاشية، والدولة الفاشية تعاقب من يخرج على الفاشية وينادي بالشيوعية أو الديموقراطية، والدول الديموقراطية تحارب الشيوعية والفاشية وتعتبرهما جريمة، فالخروج على المذهب الذي يقوم عليه النظام الاجتماعي في دائرة القانون يقابل الخروج على الدين الإسلامي الذي يقوم عليه نظام الجماعة في الشريعة الإسلامية.
والخلاف بين الشريعة والقوانين في هذه المسألة خلاف في تطبيق المبدأ وليس خلاف على ذات المبدأ، فالشريعة الإسلامية تجعل الإسلام أساس النظام الاجتماعي، فكان من الطبيعي أن تعاقب على الردة لتحمي النظام الاجتماعي. والقوانين الوضعية لا تجعل الدين أساساً للنظام الاجتماعي، وإنما تجعل أساسه أحد المذاهب الاجتماعية. فكان من الطبيعي أن لا تحرم تغيير الدين وأن تهتم بتحريم [1] أسني المطالب ج4 ص13، شرح الأنصاري على البهجة ج5 ص3، 4. [2] شرح الأنصاري على البهجة ج5 ص3.
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 536