نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 106
وما أتلفوه على أهل العدل في غير ثائرة الحرب من نفس ومال فهو مضمون عليهم، وهم مسئولون عنه، وهذا هو الرأي الراجح. أما الرأي المضاد فيرى أصحابه تضمين البغاة ما أتلفوه في الحرب، وحجتهم أن المعصية لا تبطل حقاً ولا تسقط غرماً.
أما حجة أصحاب الرأي الأول فهي أن الفتنة العظمى وقعت أيام علي ومعاوية، فأجمع الصحابة على أن لا يقام حد على رجل ارتكب محرماً بتأويل القرآن، ولا يغرم مالاً أتلفه بتأويل القرآن، ويحتجون كذلك بأن البغاة طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ، فلا تضمن ما أتلفته على أهل العدل، كما لا يضمن أهل العدل ما أتلفوه، ولآن تضمن أهل البغي يفضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة [1] .
وإذا كان البغاة لا يسألون عن الجرائم التي ارتكبوها أثناء الثورة من إهلاك للأنفس والأموال، فإن لولي الأمر - إن لم يعف عن جرائمهم - أن يعاقبهم على خروجهم عن الطاعة بعقوبة تعزيرية إن رأى في ذلك مصلحة، ولكن يشترط أن لا تكون هذه العقوبة القتل عند مالك والشافعي وأحمد، لأنهم لا يبيحون قتل الجريح ولا الأسير فأولى أن لايباح قتل المسلم، أما أبو حنيفة فيبيح قتل الأسير للمصلحة العامة ويبيح قتل البغاة على أثر الظهور عليهم، فالقياس عنده أن يقتل الباغي تعزيزاً.
وعلى كل حال فإن سلطة القاضي في الجرائم التعزيرية واسعة بحيث يجوز له أن يختار العقوبة الملائمة من عدة عقوبات، كما أن لولي الأمر حق العفو عن العقوبة كلها أو بعضها.
81 - عقوبة البغاة أو المجرمين السياسيين في الشريعة الإسلامية: ظاهر مما تقدم أن عقوبة البغاة تختلف باختلاف الأحوال، فالجرائم التي [1] نهاية المحتاج ج7 ص386- 387، البحر الرائق ج5 ص153، شرح الزرقاني ج8 ص61- 62، الأحكام السلطانية ص50، أسنى المطالب ج4 ص114، المغني ج10 ص60- 61، الشرح الكبير ج10 ص61- 62.
نام کتاب : التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي نویسنده : عبد القادر عودة جلد : 1 صفحه : 106