وتميز عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بوضع الأنظمة الإدارية للدولة، وتطوير طرق الحكم فيها، وتطوير وسائله وأساليبه، ومن ذلك ما يلي:
أ - محاسبة الولاة على ما في حوزتهم من المال فإذا زاد ما في يد الوالي عما كان عليه قبل الولاية زيادة فاحشة، قدر مرتباته وحقه في الغنائم وأخذ الفائض إلى بيت المال، وهو ما يمكن أن يطلق عليه نظام (من أين لك هذا؟!) .
ب - جعل عمر رضي الله عنه القاضي غير الوالي في بعض الولايات؛ لظروف وأحوال معينة، فكان أول من دفعه من الوالي إلى غيره وفوضه فيه، فولى أبا الدرداء معه بالمدينة قاضيا، وولى شريحا وقيل: كعب بن سورة قضاء البصرة، وكان واليها أبا موسى الأشعري، وولى أبا موسى الأشعري وقيل: شريحا قضاء الكوفة، وكان واليها المغيرة بن شعبة، وكانت أحكام هؤلاء القضاة ملزمة ونهائية، وواجبة التنفيذ من قبل الولاة، مما يؤكد استقلالية القضاء في تلك البلدان، ولم يكن الفصل للسلطة القضائية شاملا لجميع الولايات؛ لأن فصل السلطة القضائية عن التنفيذية لم يكن معروفا بعد لعدم بروز الحاجة إليه، وعندما رأى عمر رضي الله عنه الحاجة في بعض الولايات لذلك جعل القاضي غير الوالي، ويعتبر ذلك بداية لفصل السلطة القضائية عن التنفيذية في الدولة الإسلامية [1] .
ب - أنشأ عمر الدواوين، كديوان العطاء، والجند، والاستيفاء، وهذه الدواوين تعتبر نواة للجهاز الإداري في الدولة الإسلامية، وفكرة الدواوين ارتبطت ارتباطا مباشرا بالفتوح الإسلامية؛ وذلك لبروز [1] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، جـ3، ص 77، دار صادر ببيروت 1399هـ، مقدمة ابن خلدون، ص 148.