responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 97
إذَا أَسْلَمُوا، وَمَا اسْتَهْلَكُوا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ نَائِرَةِ الْحَرْبِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ.
وَاخْتُلِفَ فِي ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكُوهُ فِي نَائِرَةِ الْحَرْبِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُونَهُ؛ لِأَنَّ مَعْصِيَتَهُمْ بِالرِّدَّةِ لَا تُسْقِطُ عَنْهُمْ غُرْمَ الْأَمْوَالِ الْمَضْمُونَةِ.
وَالثَّانِي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا اسْتَهْلَكُوهُ مِنْ دَمٍ وَمَالٍ.
قَدْ أَصَابَ أَهْلُ الرِّدَّةِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- نُفُوسًا وَأَمْوَالًا عُرِفَ مُسْتَهْلِكُوهَا، فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَدُونَ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَدُونَ قَتْلَانَا وَلَا نَدِي قَتْلَاهُمْ، فَجَرَتْ بِذَلِكَ سِيرَتُهُ وَسِيرَةُ مَنْ بَعْدَهُ.
وَقَدْ أَسْلَمَ طُلَيْحَةُ[1] بَعْدَ أَنْ سُبِيَ وَكَانَ قَدْ قَتَلَ وَسَبَى، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِدَمٍ وَلَا مَالٍ؛ وَوَفَدَ أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَاتِ، فَقَالَ: أَعْطِنِي فَإِنِّي ذُو حَاجَةٍ، فَقَالَ مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو شَجَرَةَ، فَقَالَ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَلَسْتَ تَقُولُ "مِنَ الطَّوِيلِ":
وَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ ... وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا
ثُمَّ جَعَلَ يَعْلُوهُ بِالدِّرَّةِ فِي رَأْسِهِ حَتَّى وَلَّى رَاجِعًا إلَى قَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ "مِنَ الْبَسِيطِ":
ضَنَّ عَلَيْنَا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ ... وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرَقُ
مَا زَالَ يَضْرِبُنِي حَتَّى حَدَثْتُ لَهُ ... وَحَالَ مِنْ دُونِ بَعْضِ الْبُغْيَةِ الشَّفَقُ
لَمَّا رَهِبْتُ أَبَا حَفْصٍ وَشُرْطَتَهُ ... وَالشَّيْخُ يُقْرَعُ أَحْيَانًا فَيَنْمَحِقُ
فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِسِوَى التَّعْزِيرِ لِاسْتِطَالَتِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ وَلِدَارِ الرِّدَّةِ حُكْمٌ تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ وَدَارَ الْحَرْبِ.
فَأَمَّا مَا تُفَارِقُ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

[1] هو طليحة بن خويلد الأسدي الفقعسي، كان مِمَّن شهد مع الأحزاب الخندق، ثم قَدِمَ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة تسع، ثم ارتدَّ وادَّعى النبوة في عهد أبي بكر في أرض نجد، وكانت له وقائع مع المسلمين، ثم خذله الله فهرب حتى لحق بدمشق ونزل على آل جفنة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وقدم مكة حاجًّا معتمرًا، وخرج إلى الشام مجاهدًا، وشهد اليرموك وبعض حروب الفرس، قال ابن سعد: في الطبقة الرابعة، كان يعد بألف فارس لشدَّته وشجاعته وبصره في الحرب، انتهى. ولم يغمس عليه في دينه شيء، واستشهد بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن وعمرو بن معدي كرب.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست