responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 93
وَأَوْدَاجُهُمْ تَشْخَبُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ" [1].
وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ تَكْرِيمًا لَهُمْ إجْرَاءً لِحُكْمِ الْحَيَاةِ فِي ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] .
وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ الْبَعْثِ، وَلَيْسُوا فِي الدُّنْيَا بِأَحْيَاءٍ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: إنَّهُمْ بَعْدَ الْقَتْلِ أَحْيَاءٌ؛ لِاسْتِعْمَال ظَاهِرِ النَّصِّ فَرْقًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُوصَفُ بِالْحَيَاةِ، وَلَا يُمْنَعُ الْجُيُوشُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ أَكْلِ طَعَامِهِمْ وَعُلُوفَةِ دَوَابِّهِمْ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَتَعَدَّوْا الْقُوتَ وَالْعَلُوفَةَ إلَى مَا سِوَاهُمَا مِنْ مَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ، فَإِنْ دَعَتْهُمْ الضَّرُورَةُ إلَى ذَلِكَ كَانَ مَا لَبِسُوهُ أَوْ رَكِبُوهُ أَوْ اسْتَعْمَلُوهُ مُسْتَرْجَعًا مِنْهُمْ فِي الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَمُحْتَسَبًا عَلَيْهِمْ مِنْ سَهْمِهِمْ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا؛ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَطَأَ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعْطَاهَا بِسَهْمِهِ، فَيَطَأَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ عُزِّرَ وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا سَهْمًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَيُضَافُ إلَى الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ أَحْبَلَهَا لَحِقَ بِهِ وَلَدُهَا وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ مَلَكَهَا، وَإِنْ وَطِئَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي السَّبْيِ حُدَّ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا زِنًا، وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَدُهَا إنْ عَلِقَتْ.
فَإِذَا عُقِدَتْ هَذِهِ الْإِمَارَةُ عَلَى غَزْوَةٍ وَاحِدَةٍ، لَمْ يَكُنْ لِأَمِيرِهَا أَنْ يَغْزُوَ غَيْرَهَا سَوَاءٌ غَنِمَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَغْنَمْ، وَإِذَا عُقِدَتْ عُمُومًا عَامًا بَعْدَ عَامٍ لَزِمَهُ مُعَاوَدَةُ الْغَزْوِ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَقْدِرُ عَلَى غَزْو، ٍ فِيهِ وَلَا يَفْتُرُ عَنْهُ مَعَ ارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ إلَّا قَدْرَ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَقَلُّ مَا يَجْزِيهِ أَنْ لَا يُعَطِّلَ عَامًا مِنْ جِهَادٍ وَلِهَذَا الْأَمِيرِ إذَا فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْإِمَارَةُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْكَامِهِمْ، وَيُقِيمَ الْحُدُودَ عَلَيْهِمْ، وَسَوَاءٌ مَنِ ارْتَزَقَ مِنْهُمْ أَوْ تَطَوَّعَ، وَلَا يَنْظُرُ فِي أَحْكَامِ غَيْرِهِمْ مَا كَانَ سَائِرًا إلَى ثَغْرِهِ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِي الثَّغْرِ الَّذِي تَقَلَّدَهُ جَازَ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَحْكَامِ جَمِيعِ أَهْلِهِ مِنْ مُقَاتِلَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ إمَارَةً خَاصَّةً أُجْرِيَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْخُصُوصِ.

[1] صحيح: رواه النسائي في كتاب الجنائز "2002"، وأحمد "23146"، وصححه الشيخ الألباني.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست