نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 27
تَعَيَّنَ لِأَهْلِ الِاخْتِيَارِ وَاحِدٌ هُوَ أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَحَدَثَ بَعْدَهُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ انْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ إمَامَةُ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ وَلَوْ ابْتَدَءُوا بَيْعَةَ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ دَعَا إلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْأَفْضَلِ غَائِبًا أَوْ مَرِيضًا، أَوْ كَوْنِ الْمَفْضُولِ أَطْوَعَ فِي النَّاسِ وَأَقْرَبَ فِي الْقُلُوبِ، انْعَقَدَتْ بَيْعَةُ الْمَفْضُولِ وَصَحَّتْ إمَامَتُهُ.
وَإِنْ بُويِعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي انْعِقَادِ بَيْعَتِهِ وَصَحَّتْ إمَامَتُهُ؛ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْجَاحِظُ إلَى أَنَّ بَيْعَتَهُ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ إذَا دَعَا إلَى أَوْلَى الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَجُزِ الْعُدُول عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِأَوْلَى كَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَصَحَّتْ بَيْعَتُهُ، وَلَا يَكُونُ وُجُودُ الْأَفْضَلِ مَانِعًا مِنْ إمَامَةِ الْمَفْضُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا عَنْ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ، كَمَا يَجُوزُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ تَقْلِيدُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْفَضْلِ مُبَالَغَةٌ فِي الِاخْتِيَارِ، وَلَيْسَتْ مُعْتَبَرَةً فِي شُرُوطِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ تَفَرَّدَ فِي الْوَقْتِ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَاحِدٌ لَمْ يُشْرِكَ فِيهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَتْ فِيهِ الْإِمَامَةُ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ بِهَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ[1].
= ونقص عدمها، ولأي شيء ارتدت، ولأي أمر أمَّلت، وكيف مأتاها والسبيل إليها، بل هي مع كل ريح تهب وناشئة تنجم، ولعلها بالمتطلبة أقر عينًا منها بالمحقين"، فأهل الشورى في نظر هذا الفريق هم: "خواص الطبقة العليا في الأمَّة الذين أمر الله -عز شأنه- نبيه بمشاورتهم في الأمر، الذين لهم شرعًا حق الاحتساب والسيطرة على الإمام والعمَّال؛ لأنهم رؤساء الأمة وكلاء العامة".
أقول: وإنَّ من يرى هذا الرأي منَ المعتزلة ومن وافقهم يرون أنَّ العامة لا تصلح لاختيار الحاكم، وأنها ليست مؤهَّلة لذلك. إذًا فمن يختار أهل الشورى؟ إن قالوا: الشعب أو العامَّة ناقضوا أنفسهم، وإن قالوا: الحاكم، قلنا: فما أهمية الشورى إذا كان الحاكم هو الذي يختار أهل مشورته؟!.
"وهذا ما فهمه المسلمون حين أخَّروا عليَّ بن أبي طالب ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزوج فاطمة الزهراء وهو أقرب الناس إلى قلب وفؤاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقربهم نسبًا وصهرًا إليه، وإذا كان علي بن أبي طالب قد غبن في تأخيره -وبخاصة بعد استشهاد عمر- إلّا أنَّ هذا التأخير كان له الفضل في التقدير العلمي لنظرية الإسلام ومبادئه في الحكم، حتى تكون بعيدةً عن شبهة الوراثة التي هي أبعد شيء عن روح الإسلام ومبادئه". [1] يقول الدكتور السنهوري: ففي الفرض الأوَّل، أي: إذا كان هناك عذر مبرّر لترك الأفضل، يكون في =
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي جلد : 1 صفحه : 27