responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 239
فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ الْمُسْلِمِينَ سِكَّةَ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ.
وَالسِّكَّةُ هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُطْبَعُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً، وَقَدْ كَانَ يُنْكِرُ ذَلِكَ وُلَاةُ بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى أَسْرَفُوا فِيهِ، فَحُكِيَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخَذَ رَجُلًا قَطَعَ دِرْهَمًا مِنْ دَرَاهِمِ فَارِسٍ فَقَطَعَ يَدَهُ، وَهَذَا عُدْوَانٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ لَهُ فِي التَّأْوِيلِ مَسَاغٌ.
وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ[1] كَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَعَاقَبَ مَنْ قَطَعَ الدَّرَاهِمَ وَضَرَبَهُ ثَلَاثِينَ سَوْطًا وَطَافَ بِهِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا عِنْدَنَا فِيمَنْ قَطَعَهَا وَدَسَّ فِيهَا الْمُفَرَّغَةَ وَالزُّيُوفَ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ فَمَا فَعَلَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لَيْسَ بِعُدْوَانٍ؛ لِأَنَّهُ مَا خَرَجَ بِهِ عَنْ حَدِّ التَّعْزِيرِ وَالتَّعْزِيرُ عَلَى التَّدْلِيسِ مُسْتَحَقٌّ، وَأَمَّا فِعْلُ مَرْوَانَ فَظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَقَدْ حَكَى صَالِحُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تعالى: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87] . قَالَ: كَسْرُ الدَّرَاهِمِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَنَّهُ قَالَ: إنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ؛ وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إنْ كَانَ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كُرِهَ كَسْرُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا اسْمُهُ لَمْ يُكْرَهْ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ فِي النَّهْيِ عَنْ كَسْرِ السِّكَّةِ، فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كَسْرِهَا؛ لِتُعَادَ تِبْرًا فَتَكُونُ عَلَى حَالِهَا مُرْصَدَةً لِلنَّفَقَةِ، وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كَسْرِهَا؛ لِيَتَّخِذَ مِنْهَا أَوَانِيَ وَزُخْرُفَ، وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ أَطْرَافِهَا قَرْضًا بِالْمَقَارِيضِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا، فَصَارَ أَخْذُ أَطْرَافِهَا بَخْسًا وَتَطْفِيفًا.
وَأَمَّا الْكَيْلُ فَإِنْ كَانَ مُقَاسَمَةً فَبِأَيِّ قَفِيزٍ كِيلَ تَعَدَّلَتْ فِيهِ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ كَانَ خَرَاجًا مُقَدَّرًا

[1] أبان بن عثمان بن عفان؛ سمع أباه وزيد بن ثابت، وكانت ولايته على المدينة سبع سنين، روى له مسلم والأربعة، قال الأموي المدني: توفِّي سنة خمس ومائة، وقيل: مات قبل عبد الملك في عشر التسعين للهجرة.
نام کتاب : الأحكام السلطانية نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست