عليهما حذرا مِنْ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ مَحْرَمٍ، وَلْيَقُلْ: إنْ كانت ذات محرم فصنها عن مواقف التهمة وإن كانت أجنبية فاحذر مِنْ خَلْوَةٍ تُؤَدِّيكَ إلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وليكن زجره بحسب الأمارات. فإذا رأى المحتسب من هذه الحال ما ينكرها تأنى وفحص ورعى شَوَاهِدَ الْحَالِ، وَلَمْ يُعَجِّلْ بِالْإِنْكَارِ قَبْلَ الِاسْتِخْبَارِ. وقد سئل أحمد في رواية محمد بن يحيى المتطبب في الرجل السوء يرى مع المرأة؟ قال " صح به". وَإِذَا جَاهَرَ رَجُلٌ بِإِظْهَارِ الْخَمْرِ، فَإِنْ كَانَ مسلما أراقها وأدبه، وإن كان ذميا أدب على إظهارا وتراق عليه لأنها غير مضمونة. وأما المجاهر بإظهار النبيذ فهو كَالْخَمْرِ وَلَيْسَ فِي إرَاقَتِهِ غُرْمٌ، فَيَعْتَبِرُ وَالِي الحسبة شواهد الحال فيه، فينهى فيه عن المجاهرة، ويزجر عليه إن كان يعاقره، ولا يريقه إلى أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِرَاقَتِهِ حَاكِمٌ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لئلا يتوجه عليه غرم إن حكم فيه. فأما السَّكْرَانُ إذَا تَظَاهَرَ بِسُكْرِهِ وَسَخُفَ بِهَجْرِهِ أَدَّبَهُ على السكر والهجر تعزيرا. وَأَمَّا الْمُجَاهَرَةُ بِإِظْهَارِ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ كسرها، ولا يتشاغل بتفصيلها سواء كان خشبها يصلح لغير الملاهي أو لا يصلح. وأما اللعب فليس يقصد به الْمَعَاصِي، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا إلْفُ الْبَنَاتِ لِتَرْبِيَةِ الأولاد، ففيها وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّدْبِيرِ تُقَارِنُهُ مَعْصِيَةٌ بِتَصْوِيرِ ذوات الأرواح وَمُشَابَهَةِ الْأَصْنَامِ، فَلِلتَّمْكِينِ مِنْهَا وَجْهٌ، وَلِلْمَنْعِ مِنْهَا وَجْهٌ، وَبِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ شَوَاهِدُ الْأَحْوَالِ يَكُونُ إنكاره وإقراره. وظاهر كلام أحمد رحمه الله المنع عنها وإنكارها، وإذا كانت على صورة ذوات الأرواح. قال في رواية المروزي: وقد سئل عن الوصي يشتري للصبية لعبة إذا طلبت فقال " إن كانت صورة فلا". وقال في رواية أبو بكر بن محمد: وقد سأله عن حديث عائشة " كنت ألعب بالبنات" فقال " لا بأس بلعب اللعب، إذا لم يكن فيها صورة فإذا كانت صورة فلا". وظاهر هذا أنه منع من اللعب بها إذا كانت صورة.
وقد روي أحمد بإسناده عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التميمي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على عائشة وهي تلعب بالبنات ومعها جوار، فقال: " ما هذا يا عائشة؟ قالت: