السابع: جِبَايَةُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ نصاً واجتهاداً مع غير عسف.
الثامن: تقدير العطاء وَمَا يَسْتَحِقُّ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ سرف ولا تقصير فيه، وَدَفْعُهُ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ.
التَّاسِعُ: اسْتِكْفَاءُ الْأُمَنَاءِ وَتَقْلِيدُ النُّصَحَاءِ فِيمَا يفوضه إلَيْهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ وَيَكِلُهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْأَمْوَالِ لا تقديم فيه ولا تأخير.
الْعَاشِرُ: أَنْ يُبَاشِرَ بِنَفْسِهِ مُشَارَفَةَ الْأُمُورِ وَتَصَفُّحَ الأحوال ليهتم بِسِيَاسَةِ الْأُمَّةِ وَحِرَاسَةِ الْمِلَّةِ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى التَّفْوِيضِ تَشَاغُلًا بِلَذَّةٍ أَوْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَخُونُ الْأَمِينُ وَيَغُشُّ النَّاصِحُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (يَا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فاحكم بين الناس بالحق لا تتبع الهوى) فلم يقتصر سبحانه على التفويض دون المباشرة. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته". وإذا قام الإمام بحقوق الأمة وجب له عليهم: الطاعة، والنصرة، مالم يوجد من جهته ما يخرج به عن الإمامة، والذي يخرج به عن الإمامة شيئان.
الجرح في عدالته، والنقص في ذلك بما يقتضي صحة الإمامة، وتأولناه على أن هناك عذراً يمنع من اعتبار العدالة حالة العقد، كما كان العذر مؤثراً في الفاضل.
فصل في ولايات الإمام
وما يصدر عن الإمام من ولايات خلفائه أربعة أقسام: أحدها: مَنْ تَكُونُ وِلَايَتُهُ عَامَّةً فِي الْأَعْمَالِ الْعَامَّةِ، وهم الوزراء لأنهم مستنابون في جميع النظرات من غير تخصيص. الثَّانِي: مَنْ تَكُونُ وِلَايَتُهُ عَامَّةً فِي أَعْمَالٍ خاصة. وهم الأمراء للأقاليم وَالْبُلْدَانِ. لِأَنَّ النَّظَرَ فِيمَا خُصُّوا بِهِ مِنْ الأعمال عام في جميع الأمور. الثَّالِثُ: مَنْ تَكُونُ وِلَايَتُهُ خَاصَّةً فِي الْأَعْمَالِ العامة، وهم مثل قاضي الْقُضَاةِ وَنَقِيبِ الْجُيُوشِ وَحَامِي الثُّغُورِ، وَمُسْتَوْفِي الْخَرَاجِ، وَجَابِي الصَّدَقَاتِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَقْصُورٌ على نظر خاص في جميع الأعمال. الرابع: من تكون ولايته خاصة في أعمال خاصة. وهم مثل قاضي بَلَدٍ، أَوْ إقْلِيمٍ، أَوْ مُسْتَوْفِي خَرَاجِهِ، أَوْ جابي صدقاته، أو حامي يغره، أو نقيب جنده؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَاصُّ النَّظَرِ مَخْصُوصُ الْعَمَلِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْوُلَاةِ شُرُوطٌ تنعقد بها ولايته ويصح نظره نذكرها في مواضعها.