أميرومنكم أمير" حاجهم عمر وقال لأبي بكر رضي الله عنهما " مد يدك أبايعك " فلم يعتبر الغلبة واعتبر العقد مع وجود الاختلاف. ووجه الثانية: ما ذكره أحمد عن ابن عمر، وقوله " نحن مع من غلب" ولأنها لو كانت تقف على عقد لصح رفعه وفسخه بقولهم وقوله كالبيع وغيره من العقود، ولما ثبت أنه لو عزل نفسه أو عزلوه لم ينعزل دل على أنه لا يفتقر إلى عقد. وإنما اعتبر فيها قول جماعة أهل الحل والعقد أنه الإمام لأنه يجب الرجوع إليه، ولا يسوغ خلافه والعدول عنه كالإجماع. ثم ثبت أن الإجماع يعتبر في انعقاده جميع أهل الحل والعقد، كذلك عقد الإمامة. فإن توقفوا أثموا، عقد لا يتم إلا بعاقد كالقضاة لا يصير قاضياً حتى يولى، ولا يصير قاضياً وإن وجدت صفته، كذلك الإمامة. وإذا جمع أهل الحل والعقد على الاختيار تصفحوا أحوال أهل الإمامة الموجود فِيهِمْ شُرُوطُهَا فَقَدَّمُوا لِلْبَيْعَةِ مِنْهُمْ أَكْثَرَهُمْ فَضْلًا، وأكملهم شروطاً. فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ مَنْ أداهم الاجتهاد إلى اختياره وعرضوها عَلَيْهِ, فَإِنْ أَجَابَ إلَيْهَا بَايَعُوهُ عَلَيْهَا، وَانْعَقَدَتْ له الإمامة ببيعتهم، ولزم كَافَّةَ الْأُمَّةِ الدُّخُولُ فِي بَيْعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ. وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُجِبْ إلَيْهَا لم يجبر عليها وعدل إلى من سواه من مستحقيها فبويع عليها. فإن امتنع الجميع من الدخول فيها فهل يأثمون بذلك؟ وهل يتعين عليهم. قال في رواية المروذي: " لابد للمسلمين من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟ وقال في رواية محمد بن موسى - في الشاهد يأبى أن يشهد أيأثم؟ - قال." إذا كان يضر بأهل القرية ومثله يحتاج إليه فلا يفعل". وظاهر كلامه: أنه جعل القضاء والشهادة من فروض الكفايات، مع ما قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في ذم القضاء، فأولى أن تكون الإمامة الكبرى كذلك، إذ ليس طلبها ولا الدخول فيها مكروها.
وقد تنازعها أَهْلُ الشُّورَى، فَمَا رُدَّ عَنْهَا طَالِبٌ وَلَا منع منها راغب. ولأن بالناس حاجة إلى ذلك لحماية البيضة، والذب عن الحوزة، وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، فجرى مجرى حاجتهم إلى غسل الموتى وحملهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن تكافأ في شروط الإمامة اثنان قدم أسنهما، وإن لم يكن ذلك شرطاً، فإن بويع أصغرهما جاز. فإن كان أحدهما أعلم والآخر أشجع نظرت، فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى فَضْلِ الشَّجَاعَةِ أَدْعَى لِانْتِشَارِ الثُّغُورِ وَظُهُورِ الْبُغَاةِ كَانَ الْأَشْجَعُ أَحَقَّ، وإن كانت الحاجة إلى فضل العلم لِسُكُونِ الدَّهْمَاءِ وَظُهُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ كَانَ الْأَعْلَمُ أَحَقَّ. فَإِنْ وَقَفَ الِاخْتِيَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ اثنين فتنازعاها لم يكن ذلك قدحاً يمنعهما منها. لما بينا أن