ويمكن أن يحمل هذا التقدير على قدر حاجته، وهو ممر الناضح، فأما إن كان دون حاجته فيكون له قدر الحاجة، والعدد المذكور. والوجه في هذا التقدير: ما روى أبو بكر الخلال في كتاب المزارعات والشرب قال: حدثنا الحسن - يعني ابن علي بن عفان - قال أخبرنا يحيى - يعني ابن آدم - قال أبنأنا أبو حماد عن سفيان بن سعيد عن إسماعيل بن أمية عن الزهري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " حريم البئر العادي خمسون ذراعا، وحريم البئر الهدئ خمسة وعشرون ذراعا". قال: وقال سعيد بن المسيب " حريم قليب الزرع ثلاثمائة ذراع". قال: وقال الزهري " للعين وما حولها ثلاثمائة ذراع". ورواه أبو الحسن الدارقطني في سننه بإسناده عن سعيد بن المسيب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " حريم البئر البدئ خمسة وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادي خمسون ذراعا، وحريم العين السائحة ثلاثمائة ذراع، وحريم الزرع ستمائة ذراع".
فقد رواه متصلا بهذه الزيادة. وإذا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى الْبِئْرِ وَحَرِيمِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بمائها، ولا تصير ملكا له قبل استقائه وحيازته، وإنما يملكه بعد الحيازة، وله أن يمنع من التصرف بالاستيفاء، فإن عاليه واستقى لم يسترجع فيه. وقد نص على هذا في رواية أبي طالب، فقال: " لا يبيع نقع ماء البئر لأحد، فإن استقاه وحمله فما باع يكون لعمله". وقال أيضا في رواية حرب في رجل له ماء في قناة أو شرب في قناة، وليست له أرض " فلا يبيع ذلك الماء، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الماء، ولا نعلم أحدا رخص في بيع الماء إلا الحسن".