ومعلوم أن ذلك على وجه الصلح. ولا يلزم عليه الجزية لأنها غير مأخوذة على طريق الصلح، لأن الصلح ما اعتبر فيه رضى كل واحد من المتصالحين. والجزية لا يعتبر فيها ذلك لأنهم لو بذلوها لزم الإمام قبولها من طريق الشرع. وقد صرح أحمد أنها جزية في رواية محمد بن موسى وقد سأله عن نصارى بني تغلب، فقال: " تضاغف عليهم الجزية" فقد سماه جزية. وقد علق القول في رواية ابن القاسم فقال " المال والمواشي والأرض سواء الصغير والكبير، إنما هي الزكاة". فسماها زكاة، ومعناه: حكمها حكم الزكاة في أنها تجب على الصغير والكبير.
وإذا صولحوا على ضيافة من يمر بهم من المسلمين قدرت عليهم، وأخذوا بها ثلاثة أيام لَا يُزَادُونَ عَلَيْهَا، كَمَا صَالَحَ عُمَرُ نَصَارَى الشَّامِ عَلَى ضِيَافَةِ مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ المسلمين ثلاثة أيام مما يأكلون. لا يكلفونهم ذبح شاة ولا دجاجة، وتبن دَوَابِّهِمْ مِنْ غَيْرِ شَعِيرٍ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَى أهل السواد دون المدن. وإن لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةَ وَمُضَاعَفَةَ الصَّدَقَةِ، فَلَا صدقة عليهم في زرع ولا ثمر، ولا يلزمهم إضافة سائل ولا سابل. وقد روي عن أحمد كلام يدل على أن الذي شرط عليهم يوم وليلة. فقال حمدان بن علي: قلت لأحمد " عمر بن الخطاب جعل على أهل السواد يوما وليلة؟ قال: كنا إذا تولينا عليهم قالوا: شباشبا. قلت لأحمد: ما يوم وليلة؟ قال: يضيفونهم. قلت: ما قولهم: شباشبا؟ قال أحمد: هو بالفارسية ليلة ليلة". وقد رواه أبو بكر الخلال بإسناده عن الأحنف بن قيس " أن عمر - رضي الله عنه - اشترط