ووجه الدلالة هو أن الله تعالى ذكر المحرمات من النساء بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} ثم عطف على ذلك قوله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} 1 والعطف يقتضي التشريك في الحكم.
ومن السنة قوله -صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة".
وأجمعت الأمة على تحريم النكاح بسبب القرابة الرضاعية.
المسألة الرابعة: مقدار الرضاع المحرم
ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات مشبعات مفترقات.
ويستدل على ذلك بما رواه مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلوما يُحَرِّمن ثم نسخت بخمس معلومات فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن.
ووجه الدلالة هو أن الحديث نص صريح في تحريم الرضاع بخمس رضعت.
واعترض على حديث عائشة: كان فيما نزل من القرآن إلخ.. باغتراضات أربعة؛ الاعتراض الأول:
إن هذا ليس بقرآن، لا يثبت بخبر الآحاد، ولو كان قرآن لثبت بين دفتي المصحف.
وأجاب الماوردي على ذلك بأجوبة ثلاثة:
الجواب الأول: أنه ثبت كونه من القرآن حكما لا تلاوة ورسما، والأحكام تثبت بأخبار الآحاد سواء أضيفت إلى السنة أو إلى القرآن، كما أثبتوا بقراءة ابن مسعود "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" حكم التتابع، وإن لم يكتبوا تلاوته، فإن استفاض نقله ثبت بالاستفاضة تلاوته وحكمه.
والجواب الثاني: أن هذا من باب منسوخ التلاوة الثابت حكمه فكان وروده بالاستفاضة والآحاد سواء في إثبات حكمه، وسقوط تلاوته كالذي روي عن عمر