وزاد بعض فقهاء المذهب أن يقول بعد هذه الخطبة: أما بعد: فإن الأمور كلها بيد الله يقضي فيها ما يشاء ويحكم ما يريد، لا مؤخر لما قدم، ولا مقدم لما أخر، ولا يجتمع اثنان لا يفترقان إلا بقضاء الله وقدره وكتاب قد سبق، وإن مما قضى الله وقدر أن يخطب فلان بن فلان، فلانة بنت فلان على صداق كذا، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم أجمعين.
ولو خطب الولي أوجب قائلا: الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوجتك ابنتي، فقال الزوج قبل قبوله: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله -صلى الله عليه وسلم- قبلت زواج ابنتك انعقد العقد على الصحيح في المذهب؛ لأن الخطبة بين لفظيهما من مصالح العقد فلا تقطع المولاة كالإقامة بين صلاتي الجمع.
والثاني: لا يصح العقد؛ لأن الفاصل ليس منه.
والحكمة من مشروعية الخطبة: قبل العقد هي: أن العرب في الجاهلية كانوا يحرصون عليها لذكر مفاخر قومهم، وليتميز بها النكاح عن السفاح؛ لأن الخطبة مبناها على التشهير وجعل الشيء بمسمع ومرأى من الجميع.
هذا بالإضافة إلى أن الخطبة لا تستعمل إلا في الأمور المهمة، والاهتمام بالنكاح وجعله أمرًا عظيمًا بينهم من أعظم المقاصد، لذلك أبقى النبي -صلى الله عليه وسلم- أصلها وغير وصفها فشرع فيها أنواعا من الحمد والاستعانة بالله -عز وجل- والاستغفار التعوذ والتوكل والتشهد وآيات من القرآن الكريم، وأشار إلى ذلك كله فقال -صلى الله عليه وسلم: "كل خُطبة ليس فيها تشهد فيه كاليد الجذماء".
وقال: "كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله -عز وجل- فهو أجذم".
وقال: "فصل ما بين الحلال والحرام، الصوت والدف في النكاح".