ومنذ عصر التشريع الإسلامي والمسلمون يعددون الزوجات كما أباحته ظواهر الشريعة الإسلامية ولم يجدوا في ذلك حرجا ولم يكن في الجماعة ظلم.
وعندما غزت بلاد الإسلام الأفكار الغربية الأوروبية التي لا تفهم معنى التعدد في الزواج وظنوا أن ذلك ظلما للمرأة وضياعا لحقوقها.
وتأثر بهذه الأفكار بعض المصلحين من أبناء الإسلام فنظروا إلى الآية الكريمة التي تبيح العدد فوجدوها تقيده بقيدين هما: العدل، والقدرة على الإنفاق، فجعلت هذين القيدين يخرحان من التكاليف الدينية التي بين العبد وربه إلى التطبيق القضائي فيمنع القاضي توثيق عقد الزواج لمن له زوجة إلا بعد التأكد من تحقق هذين القيدين.
ولا أدري من أين جاءوا بهذا، لقد أجمع المسلمون من عصر النبوة، على إباحة التعدد ولم يجعلوا هذين القيدين محل التطبيق كما دعا إلى ذلك هؤلاء، ولم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أحدا من أصحابه منعا التعدد لعدم العدالة أو لعدم القدرة على الإنفاق.
هذا بالإضافة إلى أنه كيف يعرف القاضي أن من يريد التعدد سيعدل أو لا يعدل، وهذه حال لا يعرفها أشد الناس صلة بالزوج فضلا عن القاضي الذي تفرض عليه طبيعة عمله ألا يتصل بالخصوم اتصالا شخصيا.
ثم القدرة على الانفاق ما مناطها؟ أحالة الزوج أم الزوجة الجديدة، وإذا اعتبرت حالة ورضي هو بأن يضيق قليلا بعد سعة في سبيل ذلك الزواج وهي في جملتها تكفل العيش الضروري أيسوغ للقاضي أن يمنعه بحجة أنه يجب أن يعيش في رفاهية ويحرم من حلال.
ثم إن تدخل القاضي في التطبيق العلمي لهذين القيدين في حق من يريد الزواج بأخرى على زوجته يعتبر تدخلا في حرية التعاقد، وهذا لا يتفق مع مشرعي القوانين الحديثة.