فأبطل هذا النص التبني والإرث به، كما نزل قول الله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [1].
فبطل بذلك التوارث بالهجرة والمؤاخاة.
ولما انتشر الإسلام في البلاد واتسعت رقعة الدولة الإسلامية اقتضت حكمة الله قطعا للنزاع بين الأسر، ومنعا للأذى والتقاتل، ودرءا لحقد الوارثين وأذاهم تولي العليم الحكيم قسمة تركة كل مالك بين ورثته على قواعد المحبة والعشرة والنصرة والعطف، فتراه خصص الميراث بطائفة معينة من الأقارب وهم الذين لهم من حب المتوفى أكبر نصيب كالأبناء، والذين عاشروه وخالطوه أطول زمن كالزوجات، والذين يعتمد عليهم في حياته للدفاع عنه إذا اضطر إلى ذلك، كالإخوة، والأعمام، والذين بينه وبينهم تعاطف، وتناصر وتراحم، كالأخوات، العمات، وبذلك هدم قواعد الجاهلية من قصر الاستحقاق على الذكور الكبار.
إن الإسلام أزال الظلم الذي كان لاحقا بالمرأة في العصر الجاهلي، وأعلى من قدرها، وجعل لها حقا في الميراث بل أكد هذا الحق، وجعله كأنه أصل في التشريع، وقاعدة مسلمة في الميراث، يدل على ذلك قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [2].
وجعل نصيبها في الميراث على النصف من الرجل، لملائمة وظيفة كل منهما في الحياة؛ لأن الرجل خلق للكفاح، والسعي ورعاية الأسرة، وتقوم المرأة بتربية الأولاد، ورعايتهم، مع عدم تكليفها بالإنفاق على نفسها، بل نفقتها على زوجها ولو كانت غنية، فإن لم يكن لها زوج فعلى أبيها، أو أوليائها، فهي في جميع أحوالها تستحق المعيشة تقديرًا وتعظيما لقيمتها ورسالتها في الجماعة الإنسانية. [1] الآية الأخيرة من سورة الأنفال. [2] الآية 11 من سورة النساء.