إذا فارق الرجل زوجته وهي من ذوات الحيض وشرعت في الاعتداد بالأقراء فعلا ثم انقطع عنها الدم فلم تعد تراه أصلا فإنا على الرأي الصحيح والمعمول به قانونا عليها أن تنتظر تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر.
لما أثر عن عمر -رضي الله عنه- قال: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان حمل فذاك، وإلا اعتدت بعد التسعة أشهر ثم حلت.
ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة فكان إجماعا.
أما إذا فارق الرجل زوجته وهي من ذوات الحيض ثم استمر نزول الدم عليها بدون انقطاع بحيث صارت لا تستطيع أن تميز بين أيام طهرها من أيام حيضها ولا يمكنها تحديد ثلاث حيضات كاملة؛ فإنه ينظر في أمر هذه المرأة: فإن كان لها عادة سابقة في الحيض والطهر، وكانت تذكر هذه العادة رددناها إلى عادتها، وإن لم تكن لها عادة سابقة، أو كان لها عادة سابقة ولكنا لا تذكرها؛ فإنها تسمى حينئذ ممتدة الحيض ويسميها الفقهاء المتحيرة.
وقد اختلف الفقهاء في الأمد الذي تنقضي عدتها به، فقال قوم: تنقضي عدتها بسبعة أشهر من تاريخ الفرقة، وقال قوم: ترد إلى الأشهر فتعتد بثلاثة أشهر.
وإذا طلق الرجل زوجته فشرعت في الاعتداد بالأقراء إن كانت من ذوات الحيض أو بالأشهر إن كانت من غير ذوات الحيض، ثم مات عنها زوجها وهي في أثناء العدة؛ فإما أن يكون طلاقها رجعيا وإما أن يكون طلاقها بائنًا، فإن كان طلاقها رجعيا فإنه يجب عليها أمران: الأول: أن تلغي القدر الذي أمضته في الاعتداد من حين الطلاق إلى حين الوفاة، والثاني: أن تعتد عدة المتوفى عنهن أزواجهن وهي أربعة أشهر وعشرة أيام؛ وذلك لأن الطلاق الرجعي لا يزيل ملكا ولا حلا، والزوجية قائمة بعده ما دامت الزوجة في العدة فيصدق على هذه المرأة وهي في العدة من الطلاق الرجعي أنها قد توفي عنها زوجها