وأحق، إن أعز ما تملكه المرأة، الشرف، والحياء، والعفاف، والمحافظة على هذه الفضائل محافظة على إنسانية المرأة في أسمى صورها، وليس من صالح المرأة ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام، ولا سيما وأن الغريزة الجنسية هي أعنف الغرائز وأشدها على الإطلاق، والتبذل مثير لهذا الغريزة ومطلق لها من عقالها، ووضع الحدود والقيود والسدود أمامها مما يخفف من حدتها ويطفئ من جذوتها ويذهبها تذهيبا جديرا بالإنسان وكرامته، ومن أجل هذا عُني الإسلام عناية خاصة بملابس المرأة، وتناول القرآن ملابس المرأة مفصلا لحدودها، على غير عادة القرآن في تناول المسائل الجزئية، بالتفصيل فهو يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [1].
وتوجيه الخطاب إلى نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وبناته ونساء المؤمنين دليل على أن جميع النساء مطالبات بتنفيذ هذا الأمر دون استثناء واحدة منهن مهما بلغت من الطهر، ولو كانت طهارة بنات النبي عليه الصلاة والسلام وطهارة نسائه، ويولي القرآن هذا الأمر عناية بالغة ويفصل ذلك تفصيلا، فيبين ما يحل كشفه وما يجب ستره، فيقول: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} [2] إلخ الآية. حتى ولو كانت المرأة عجوزًا لا رغبة لها ولا رغبة فيها، يقول الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} [3]، [4]. [1] سورة الأحزاب: الآية: 59. [2] سورة النور: الآية: 31. [3] يستعففن أي: [4] سورة النور: 60.