الأمر الثالث: الوطء بشبهة والدخول في عقد فاسد
من عقد على امرأة فزفت إليه أخرى ودخل بها وهو يعتقد أنها المعقود عليها فإن هذا يعتبر وطئا بشبهة، ومن عقد على امرأة بدون شهود ودخل بها فإنه دخول في عقد فاسد.
وكلا الأمرين الوطء بشبهة والدخول في عقد فاسد كالوطء في ظل عقد صحيح يثبت بهما التحريم بالمصاهرة فتحرم الموطؤة على أصوله وفروعه، ويحرم عليه أصولها وفروعها.
الحكمة في التحريم بالمصاهرة:
إن الشرائع السماوية قد وافقت الشريعة الإسلامية في التحريم بسبب المصاهرة، فكان هذا دليلا على أن ذلك التحريم مشتق من الفطرة الإنسانية؛ إذ لم تختلف فيه الشرائع، والحق أنه يتفق مع الطبع السليم، فإن المرأة إذا اقترنت بالرجل صارت قطعة من نفسه وصار هو قطعة منها {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [1] وإذا صارت جزءًا لا ينفصل من نفسه كان من منطق الزواج أن تكون أمها كأمه، وابنتها كابنته، وتحرم هي على أبيه كما يحرم على أمها؛ إذ صار أبوه أباها أيضا، وتحرم على ابنها كما يحرم ابنها عليها، وما باعدت الحق كثير الشرائع التي تسمي أبا الزوجة أبا للزوج، وابنها ابنا له وأباه أبا لها، وما جاوز الناس في عرفهم الطبيعة والحق إذا أطلقوا هذه الأسماء وأنه لو أبيح للرجل أن يتزوج أم زوجته وابنتها، وهي تتزوج أباه وابنه لأدى ذلك إلى أن تقام الحجب. وبذلك ينقطع الرجل عن أهله، وتنقطع هي عن أهلها، فيكون كلاهما في وحشة لا يجد من يسري عنه، ولا يجد كذلك من يعاونه ويزيل همه ويلقي إليه بدخائل نفسه. [1] من الآية 187 من سورة البقرة.