ينعزل إلا بالعقد مطلقا؛ لأنه لا قراض إلا بعقد[1]، هذا إذا كان المال مما يجوز عليه القراض، فلو وقع بعد تصرف الأول وصيروته عروضا لم يجز؛ لأنه لا بد أن يكون مما يصح القراض عليه ابتداء بأن يكون نقدًا.
حكم تصرف العامل الثاني:
وإذا تصرف العامل الثاني بغير الثاني بغير إذن المالك، فتصرفه تصرف غاصب فيضمن ما تصرف فيه، فإن اشترى بعين مال القراض لم يصح شراؤه؛ لأنه فضولي أو تصرف في الذمة له، فإن ربح فالربح للأول؛ لأنه وكيل عنه أما هو فليس له إلا الأجرة إذا لم يرض أن يعمل مجانا، فإن عمل مجانا كأنه قال له الأول، وكل الربح لي فلا أجرة له، وقد جاء في المهذب: فإن كان رب المال قد قارض العامل على النصف، وقارض العامل آخر، واشترى الثاني في الذمة، ونقد الثمن من مال القراض وربح، فعلى المذهب القديم قال المزني: إن لرب المال نصف الربح، والنصف الآخر بين العاملين لكل منهما نصفه، وقد وافق أبو إسحاق على ما ذهب إليه المزني، وقال: هذا صحيح؛ لأن رب المال رضي أن يأخذ نصف الربح، والنصف الثاني بين العاملين؛ لأنهما رضيا أن ما رزق الله بينهما، والذي رزق الله تعالى هو النصف، فإن النصف الآخر أخذه رب المال فصار كالمستهلك، وخالف في ذلك بعض الأصحاب، فقالوا برجوع العامل الثاني على العامل الأول بنصف أجرة مثله؛ لأنه دخل علي أن يأخذ نصف ربح المال، ولم يسلم له ذلك إذ أن الربح كله للمالك لا للغاصب، إذ لو جعلناه للغاصب لاتخذ ذريعة إلى الغصب من العاملين، واختاره السبكي؛ لأنه لم يتصرف بإذن المالك، فأشبه الغاصب. [1] راجع البجيرمي "ج2 ص615".