ومنفعته على التأبيد الإجارة؛ لأن الملك في الإجارة ينصب على المنفعة دون العين، فالمستأجر لعين من الأعيان كالسيارة، أو المنزل مثلا لا يملك تملك عينها، وإنما الانتفاع بالعين في مقابلة دفع الأجرة، كما أن المنفعة في الإجارة مؤقتة؛ لأن من شروطها التأقيت، والمراد بالمنفعة المؤبدة في التعريف: بيع حق الممر للماء إذا كان الماء لا يصل إلى محله إلا بواسطة ملك غيره[1]، وخرج بقوله: لا على وجه القربة: الوقف. فإنه تمليك منفعة مباحة على التأبيد للموقوف عليه، ولكن على وجه القربة.
وقد يعرف البيع بأنه تمليك عين مالية، أو منفعة على التأبيد بثمن مالي، وهذا التعريف للبيع الذي هو قسيم الشراء، وقسيم الشيء ما كان مباينا له، واندرج معه تحت أصل كلي، فيكون العقد مكونا من شقين أحدهما البيع الذي يسمى من يأتي به بائعا، ويعرف بأنه تمليك بعوض على وجه مخصوص، ويقابله الشراء الذي هو الشق الآخر الذي يسمى من يأتي به مشتريا، ويعرف بأنه تملك بعوض كذلك، والتعبير بالتمليك والتملك بالنظر للمعنى الشرعي، فإن الربا لا يقبل التمليك والتملك؛ لأنه محظور التعامل فيه شرعا، والتمليك دخول الملك في يد المشتري، وهو لا يحصل بمجرد الإيجاب من البائع بل بقبول المشتري، فلعل المراد بالتمليك ما يحصل به النقل من جانب البائع، وأما قول بعضهم البيع مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، ففيه مسامحة تجعل البيع هو المقابلة إذ العقد ليس هو المقابلة، لكنه مستلزمها إلا أن يقال: عقد ذو مقابلة أي يستلزم المقابلة.
ولذلك عبر بعضهم عنه بقوله، وشرعا عقد يتضمن مقابلة مال بمال على وجه مخصوص. [1] راجع حاشية المدابغي على الإقناع "ج2 ص2".