المبحث الخامس: بيع المائعات بأجناسها وبيعها بما تخرج عنه:
والمائعات مثل اللبن والخل وعضير الفواكه والدهون كالزيت، والشيرج والسمن أجناس مختلفة؛ لأنها فروع لأصول مختلفة، فيجوز بيع الجنس بمثله كخل، ولبن بلبن متماثلا، فإن كانا جنسين صح بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا.
وتعتبر المماثلة في اللبن إذا كان خالصًا غير مشوب بماء، أو ملح وغير مغلي بالنار، فإن كان مشوبا بماء أو نحوه، فلا يجوز بيعه بمثله، ولا بخالص للجهل بالمماثلة، ويدخل في المشوب ما لو خلط بالسمن غيره مما لا يقصد للبيع من السمن كالدقيق، فلا يصح بيع المخلوط بمثله؛ لأن الخلط يمنع من العلم بالمقصود[1].
وإن باع الجبن والأقط، أو المصل أو اللبأ بعضه ببعض لم يجز؛ لأن أجزاءها منعقدة ويختلف انعقادها؛ ولأن فيها ما يخالطه الملح والإنفحة، وذلك يمنع التماثل، وأما بيع نوع منه بنوع آخر، فإنه ينظر فيه فإن باع الزبد بالسمن لم يجز؛ لأن السمن مستخرج من الزبد، فلا يجوز بيعه بما استخرج منه كالشيرج بالسمسم، وإن باع المخيض بالسمن، فالمنصوص أنه يجوز؛ لأنه ليس في أحدهما شيء من الآخر قال القاضي أبو الطيب الطبري: هما كالجنسين فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا بلا خلاف، وإن باع الزبد بالمخيض فالمنصوص أنه يجوز، وقال أبو إسحاق: لا يجوز؛ لأن في الزبد شيئا من المخيض، فيكون بيع زبد ومخيض بمخيض، وهذا لا يصح؛ لأن الذي فيه [1] راجع حاشية البجيرمي على المنهج "ج2 ص50".