صاع قمح في ذمتي سلما بكذا صحا في الأظهر، ويوزع المسمى على قيمتهما، أي قيمة المؤجر من حيث الأجرة، وقيمة المبيع أو المسلم فيه، والثاني يبطلان؛ لأنه قد يعرض لاختلاف حكمهما باختلاف أسباب الفسخ والانفساخ، وغير ذلك ما يقتضي فسخ أحدهما، فيحتاج إلى التوزيع، ويلزم الجهل عند العقد بما يخص كلا منهما من العروض، وذلك محذور وأجيب بأنه لا محذور في ذلك ألا ترى أنه يجوز بيع ثوب، وشقص من دار في صفقة، وإن اختلفا في الشفعة، واحتيج إلى التوزيع اللازم له ما ذكر.
فهذا عقد واحد فيه جهل بالتوزيع حاله وجوده، ولم يبطل فأولى أن لا يضر ذلك في العقدين، وإنما قال: وإن اختلفا حكمهما؛ لأن متفقي الحكم يصح جمعهما جزمًا.
ويلاحظ في ذلك أنه واختلفا من حيث الموضوع إلا أنه يجب توافقهما من حيث الجواز واللزوم، فإذا تعددت الصفقة بين عقدين لازمين كالبيع، والإجارة أو بين عقدين جائزين كالشركة، والقراض بأن خلط ألفين له بألف لغيره، وشاركه على أحدهما، وقارضه على الآخر، فإنه يصح ذلك.
فإذا كان أحدهما لازما لو الآخر جائزا كبيع وجعالة، فإنه لا يصح؛ لأنه لا يمكن الجمع بينهما؛ لأن العروض في الجعالة لا يلزم تسليمه إلا بفراغ العمل، وفي البيع المذكور يجب تسليمه في المجلس، وتنافي اللوازم يقتضي تنافي الملزومات، وهذا يفيد أن اختلافهما في اللزوم، والجواز بمجرد ليس مقتضيان للبطلان، وبيان ذلك أن الإجارة تقتضي التأقيت، والبيع والسلم يقتضيان عدمه، والسلم يقتضي قبض رأس المال في المجلس بخلاف غيره1
1 حاشية البجيرمي "ج2 ص95".