لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه سئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس يأخذون أجور أيديهم؛ ولأنه طاهر منتفع به، فهو كسائر الأموال.
والصحيح من المذهب: أن بيعه مكروه دون الشراء، وهو نص الشافعي في كتاب اختلاف علي، وابن مسعود، وبه قطع البيهقي، لما في بيعه من الإعراض وإزالة الملك، ولما في الشراء من الرغبة في تحصيل منافعه العظيمة، وآثاره الطيبة وشتان ما بينهما[1]. ومع هذا فالحاجة تدعو إلى شرائه وبيعه، وإذن فلا بأس في بيعه، والله أعلم.
الشرط الرابع: عصمة المشتري إذا كان المبيع سلاحًا:
فالمعدات الحربية التي تستخدم في ميدان القتال برا وبحرا، وجوا حتى البدائية منها كالسيف والدرع والرمح، والنشاب وغيرها وكذلك الخيل، فهذه المعدات محذور بيعها لحربي، فإن الحربي ليس بيننا وبينه عهد، ولا ذمة تمنعه من قتالنا، فإذا أجزنا له شراء مثل هذه الأسلحة، فإنه يستعين بها على قتالنا.
أما الذمي وقاطع الطريق، فإن حكمهما يختلف، فيصح البيع لهما؛ لأنهما في قبضتنا، فيسهل تدارك الأمر إذا سولت لهما أنفسهما قتالنا؛ ولأن الذمي ليس الحرابة متأصلة فيه، وهذا حكمه ما لم يخن العهد والذمة، فإن خانهما، وعلمنا أنه يدسه لأهل الحرب، فإنه يأخذ حكم الكافر الحربي.
أما ما تصنع منه أدوات الحرب كالحديد، أو ما يستخدم وقود للسيارات والطائرات، فإن حكمه يختلف، فإن أخبر معصوم أنهم سيجعلونه عدة حرب لقتالنا، فيكون حمكه حكم بيع آلات الحرب وإلا فلا. [1] راجع المجموع شرح المهذب "ج9 ص272-273".