فلو قال: بعت يدك، وأراد بها كله صح البيع، وكذلك إذا قال: بعت عينك وما شاكل ذلك.
فلا بد إذن من أن يسند البيع إلى المخاطب، ولو كان نائبا عن غيره، وهو كذلك، فإن لم يسنده أو أسنده إلى موكله، فإنه لا يصح، ومثال ذلك ما إذا قال المشتري للبائع: بعت هذا بعشرة جنيهات مثلا، فيقول البائع: بعت أو قال: بعت موكلك، فقبل فالعقد غير صحيح بخلاف النكاح فإنه يصح، بل لا يصح النكاح إلا به، كما هو مبسوط في الوكالة.
ويستثنى من اعتبار الخطاب بيع متولى الطرفين، وكذا قوله: نعم في صورة ما إذا قال المشتري للبائع: بعني هذا الثوب بعشرة جنيهات، فقال البائع: نعم.
الصريح والكناية:
وكما ينعقد البيع بصريح اللفظ كبعتك، وملكتك، واشتر مني ينعقد كذلك بالكناية في الأصح، ويكون لفظ البيع كناية إذا احتمل البيع وغيره، ومن ألفاظه جعلته لك بكذا، أو خذه بكذا أو بارك الله لك فيه ناويا البيع، فهذه الألفاظ كما تحتمل البيع تحتمل غيره، ومن ثم فلا ينعقد بها البيع إلا بالنية، ولو في جزء من الصيغة؛ لأنه لا يشترط اقترانها بكل اللفظ خلافا لمن قال بذلك.
والثاني: أنه لا ينعقد بلفظ الكناية؛ لأن المخاطب لا يدري أخوطب ببيع أم بغيره، وهذا الرأي مردود عليه بأن ذكر العوض ظاهر في البيع، فوجوده قرينة عليه، وإذا توافرت القرائن الدالة على إرادة البيع، وجب القطع بصحته كما قال الإمام[1].
وما دام البيع بلفظ الكناية لا ينعقد إلا بالنية، فإنه لو شرط الموكل على الوكيل أن يبيع، ويشهد على البيع، فلا ينعقد جزما؛ لأن الشهود لا يطلعون علي النية.
نعم إن توافرت القرائن على إرادة البيع قال الغزالي: الظاهر انعقاده، وأقره عليه في أصل الروضة، وصورة الشرط أن يقول: بع على أن تشهد، فلو قال: بع وأشهد لم يكن الإشهاد شرطًا، صرح بذلك المرعشي، واقتضاه كلام غيره[2].
والأولى التعليل بالاحتياط؛ لأن ذكر العوض قرينة على النية، فيطلع عليها الشهود[3]. [1] قليوبي وعميرة على شرح جلال الدين المحلي "ج2 ص154". [2] النهاية لأبي الفضل ولي الدين البصير "ص21". [3] حاشية البجيرمي "ج2 ص8".