حين فما بالنا لو خلعت المرأة الحجاب وأطلقنا لها الحرية؟
إن الإحصائيات تثبت أن المرأة الشرقية - بسبب الحجاب - أكثر نساء العالم تعففاً ولا نريد أن نمزق ستار العفاف.
وإذا كان " قاسم " يتساءل: لماذا اختص النساء بالاحتجاب والتبرقع دون الرجال وكلاهما مأمور بغض الأبصار؟ الإجابة واضحة إذ من المسلم به أن لكل من الزوجين وظيفة اختص بها وكانت وظيفة الرجل خارج بيته للسعي على معاشه ووظيفة المرأة منزلية داخل البيت وخروجها للضرورة فتكليفها بالتبرقع دون الرجل أكثر ملائمة لظروفها (*)
أما ما قيل عن علم عائشة رضي الله عنها فهو حجة على قائله لأنها كانت محتجبة حجابا تاما بالإجماع ولم يمنعها الحجاب من التفقه في أمور الدين والمشاركة في أمور الحياة وكذلك كان كل النساء المسلمات اللائي نبغن وبلغن درجة من العلم والكمال فالحجب لم يمنع من تحصيل العلم ولا تدريسه وإذا كان الحجاب هو المانع من الترقي فلما لم يترق كل الرجال؟
(*) قال الشيخ " سعيد الجابي " رحمه الله في كتابه " كشف النقاب ":
(وإذا قيل ينبغي على الرجال أن يستتروا خوف فتنة النساء اللواتي أمرن بغض أبصارهن.
فنقول: إن النساء اللواتي أمرن بالقرار والوقار وإخفاء صوت الخلخال عن الجار والكلام من وراء حجاب وإدناء الجلباب والإقلال من الخروج خارج الأبواب كاف لهن ومغن عن أن يكلف الرجال بستر وجوههم عنهن سيما وأن أعمال الرجال خارج البيوت وأعمال النساء في داخلها والفرق بين العملين ظاهر لا يماري فيه إلا مكابر ولا سيما أن جمال وجه الرجال سريع الزوال إذا راعوا الحكم الشرعي بإعفاء اللحى القائمة مقام النقاب والحجاب والجلباب وهي عند بعض الزوجات أعظم مصاب! وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فلا مانع من أن تظهر المرأة عينيها أو عينها بعد ستر وجهها وحينئذ لا يقال: حرموا هذه المسكينة أن تبصر طريقها أو النور أو جمال الطبيعة بل يقال: حرموا هذا المسكين أن يرى جمال وجهها) اهـ
نقله عنه الشيخ محمد أديب كلكل في " فقه النظر " ص (64 - 65) .
ولو نظرنا إلى المرأة الأوربية لوجدنا الأمر يرجع إلى حاجة أوربا للأيدي العاملة بسبب ظروف حياتها فخرجت النساء لمساعدة الرجال على الكسب والتعمير فلما ابتذلت المرأة هناك أعرض الشباب عن الزواج فاضطرت المرأة أن تستمر في العمل لتعيش على أن الناظر إلى المرأة الشرقية الآن [85] يراها قد خرجت وأقبلت على ملاذ الدنيا وأغرتنا الحضارة الأوربية على التساهل وسيسير الزمن بنا - باسم الحرية والمدنية - حسب التخطيط الذي يدفعنا الأجنبي إليه إلى أن تصبح المرأة الشرقية مثل الأجنبية ما لم نبادر إلى تقييد تلك الحرية لا إطلاقها [85] طبع الكتاب سنة 1899 م.