يحرسه أو يقتاده فأهمني أمره ودنوت منه فسألته عن شأنه فقال:
" لا علم لي بشيء سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سبباً وما أنا بالرجل المذنب ولا المريب فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي علني أحتاج بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشئون؟ "
قلت: " لا أحب إلي من ذلك " ومشيت معه صامتاً لا أحدثه ولا يقول لي شيئاً ثم شعرت كأنه يزور في نفسه كلاماً يريد أن يفضي به إلي فيمنعه الخجل والحياء ففاتحته الحديث وقلت له: " ألا تستطيع أن تذكر لهذه الدعوة سبباً؟ " فنظر إلي نظرة حائرة
وقال: " إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادث فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة وما كان ذلك شأنها من قبل "
قلت: " أما كان يصحبها أحد؟ " قال: " لا "
قلت: " ألا تعلم المكان الذي ذهبت إليه؟ " قال: " لا "
قلت: " ومم تخاف عليها؟ " قال: " لا أخاف شيئاً سوى أني أعلم أنها امرأة غيور حمقاء فلعل بعض الناس حاول العبث في طريقها فشرست عليه فوقعت بينهما واقعة انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة "
وكنا وصلنا إلى المخفر فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور فوقفنا بين يديه فأشار إلى جندي أمامه إشارة لم نفهمها ثم استدنى الفتى إليه وقال له:
" يسوءني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل وامرأة في حال غير صالحة فاقتادوهما إلى المخفر فزعمت المرأة أن لها بك صلة فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها فإن كانت صادقة أذنا لها بالانصراف معك إكراماً لك وإبقاءً على شرفك وإلا فهي امرأة عاهرة لا نجاة لها من عقاب الفاجرات وها هما وراءك فانظرهما " وكان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى
فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته وإذا الرجل أحد أصدقائه فصرخ صرخة رجفت لها جوانب المخفر وملأت