responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 115
مالكاً في أن لا قصر في أقل من ثمانية وأربعين ميلاً بغير أن يعضد قوله هذا قرآن، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة، ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس، ولا نظر، ولا احتياط، ولا رأي يصح، بل خذلهم مالك في هذه المسألة بعينها، فروى عنه أشهب أن القصر جائز في أربعين ميلاً، وروى عنه ابن الماجشون في " المبسوط " [1] لإسماعيل أن القصر جائز في أربعين ميلاً، وروى عنه إسماعيل بن أبي أويس ابن عمه وابن اخته [2] أن القصر جائز في ستة وثلاثين ميلاً، وأنه بلغه ذلك عن ابن عباس وابن عمر، فقد أسلمهم صاحبهم في هذه المسألة وتبرأ من تقليدهم، وبالله تعالى التوفيق. وما علم قط ذو حس سليم فرقاً بين ثمانية وأربعين ميلاً وبين سبعة وأربعين ميلاً ولا بين ستة وثلاثين ميلاً وخمسة وثلاثين ميلاً وأربعين ميلاً، وكل هذا لا معنىً له، ولا يتشاغل به ناصح لنفسه أصلاً، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
35 - ثم قالوا: " وقلت في الحد على قاذف الصبية دون البلوغ: إنما لزمه الحد للكذب وغيرها عندي [195/ أ] سواء ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إننا هكذا نقول، لأن الله تعالى يقول: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} (النور: 4) ، والصغيرة محصنة بالإسلام وبالحرية، وبعدم الزنا منها جملة بيقين الكذب عليها، وقلنا: العجب كله ممن يوجب الحد بالشك في كذبه ولعله صدق، ثم يسقط الحد بيقين الكذب، وإنما كان ينبغي لهم أن يعجبوا من قياسهم حد القذف والزنا على قذف آخر بفعل قوم لوط، وبين قاذف بالكفر أو ببعض الكبائر من الزنا وأكل لحم الخنزير وغير ذلك، فمن أين خصوا من رمى آخر بفعل قوم لوط بالحدود دون من رماه بالكفر أو بالعقوق أو بشرب الخمر، وهم لا يقولون إن فعل قوم لوط زنا ولا حده عندهم حد الزنا، فمن هذا ينبغي أن يعجب، لا ممن تعلق بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
إلى ها هنا انتهى ما رسموا من السخف، وقد أوضحنا أنه كله عائد عليهم، وهم قوم كادونا من طريق المغالبة وإثارة العامة، فأركس الله تعالى جدودهم، وأضرع خدودهم، وله الحمد كثيراً، وخابوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند السلطان، وكتبوا

[1] المبسوط في الفقه كتاب لإسماعيل بن إسحاق القاضي أحد أعلام مذهب مالك، وكانت وفاته سنة 282 (الديباج 92 - 95) .
[2] إسماعيل بن أبي أويس أبو عبد الله هو ابن عم مالك وابن أخته وزوج ابنته، توفي سنة 226 (الديباج: 92) .
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 115
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست