نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 107
صلى الله عليه وسلم. فإن كانوا ينكرون علينا هذا، وما نعرف من قولهم إلا الحق [في] قولنا ها هنا فلا عليهم، فماذا يقولون فيمن أسقط من أم القرآن ناسياً من ركعة حرفين أو ثلاثة أو أربعة أو كلمة أو كلمتين أو ثلاثاً حتى نوقفهم على ألا يقرأ منها إلا حرفاً واحداً فقط ويسقط باقيها ناسياً؛ فإن فرقوا بين شيء من ذلك، تناقضوا وسخف قولهم. وإن سووا بين ذلك كله، فهو قولنا، لان قراءة جميعها فرض، وإذ هو فرض، فكل حرف منها فرض، وبعض الفرض بلا خلاف. ومن لم يأت الفرض كما أمر فلا يعتد بتلك الركعة. هذا قولنا الذي نقطع على انه الحق عند الله تعالى، لموافقته لقول النبي صلى الله عليه وسلم [1] : " لا صلاة لمن لم يقترئ بأم القرآن "، ومن أسقط منها حرفاً ناسياً فلم يقترئ بأم القرآن. وأما من ترك منها ولو حرفاً واحداً عامداً فقد بطلت صلاته كلها، لتعمده ان يخالف فيها ما أمر به، وبالله تعالى التوفيق.
29 - ثم قالوا: " وإنك مرة تتأسى بفعل النبي [190 ب] صلى الله عليه وسلم، ومرة تتخلف عنه، كتنفلك في العيدين في المصلى، ولم يرد بذلك أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تنفل، ولا خالفه أحد من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والعلماء المشاهير في جميع الآفاق، فكلهم اقتصروا على الائتساء به في ذلك، وخالفتهم أنت لولوعك بالاحتجاج، وليرفع الناس رءوسهم إليك. ولو سلكت طريقة من مضى لكان أجمل لك وأولى ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - هذا كلام جمعوا فيه الكذب والجهل المظلم، واستحقوا به المقت من الله تعالى. فأما الكذب والجهل، فجسرهم على دعوى الإجماع من الصحابة والتابعين المشاهير في جميع الآفاق على ترك التنفل في المصلى قبل صلاة العيدين، فلو كان لهم مسكة عقل لم يقدموا على مثل هذا، وهذا أيوب السختياني وقتادة صاحباً أنس بن مالك، يذكران أن أنس بن مالك وأبا هريرة كانا يتنفلان في المصلى قبل صلاة العيدين، وذكر أيوب انه رأى ذلك من أنس بعينه، ولا يصح عن أحد من الصحابة النهي عن ذلك إلا عن ابن مسعود وحذيفة، وبرواية [2] ساقطة منقطعة. وصح عن ابن عمر أنه كان لا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد، فقيل له: فمن تنفل في المصلى فقال كلاماً معناه: لا يضيع له ذلك عند الله تعالى. وجاء عن [1] انظر الحديث في صحيح مسلم (صلاة: 35، 36) . [2] ص: ورواه.
نام کتاب : رسائل ابن حزم نویسنده : ابن حزم جلد : 3 صفحه : 107