ولك أن تتصور - أخي الكريم - مجتمعاً - توافرت فيه هذه الأُسس: القيام بتوفية الدين حقه من الأقوال والأعمال والاعتقادات، وتواصي أهله بإيصال كل حق إلى مَنْ يستحقه. ولم يقتصر نفع أفراده على أنفسهم وحسب، بل أحب كل فرد فيه لأخيه ما يحبه لنفسه، وتلاشت بينهم الفروق التي تُسَبِّب العداوة والافتراق، وحلَّت بدلها الألفة والوئام، وأخوة الإسلام.
ثُمَّ جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كالسياج الواقي من الأشرار، والدرع الحامي من الأخطار، والمعلم الدائم الاستمرار، الحاث على خير الأعمال، الناهي عن قبح القول والأعمال، فهل ترى أخي القارئ لذلك المجتمع من مثال؟ أو تتوقع أين يوجد ما هو أفضل منه مِمَّن يستحق الوعد بالنصر والتمكين على الأعداء؟! كلا. لقول الله -تعالى-: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُِمُورِ} . وقوله جلَّ وعلا: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} .