المطلب الثاني: في أهمية الزكاة:
سبق أنَّ بَيْنَ الصلاة والزكاة تلازماً وثيقاً، حيث قرنت الزكاة بالصلاة في كثيرٍ من النصوص الشرعية، مِمَّا يدل على اتفاقهما وشدة اتحادهما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى أصبحا كالشيىء الواحد الذي لا ينفك بعضه عن بعض، وذلك لاتحاد هذين الركنين العظيمين من أركان الإسلام، في الأهداف والغايات السامية التي جمعت بينهما.
وقبل أن نبين أهمية الزكاة ومكانتها في الإسلام، لابُدَّ أن نشير إلى أنَّ الإنسان قد عرف الفقر والحرمان منذ زمن بعيد[1]. وذلك لحكمة يعلمها الله تعالى، حيث لم يسوِّ بين خلقه في الرزق، فهناك الغني والفقير، ولم يفلح الداعون لعلاج هذه المشكلة في مختلف العصور لانتشال الفقراء من وضعهم، كما لم يفلحوا في كسب عطف الأغنياء وبذلهم على الفقراء بدون مَنٍّ أو فضل.
وبالرجوع إلى القرآن وحديثه عن الشرائع السابقة على الإسلام، نجد أنَّها دعت إلى البر بالفقراء، والعطف على الضعفاء، والإحسان إليهم والأخذ بأيديهم[2]. قال تعالى في شأن إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73] .
وقال عن إسماعيل عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً. وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم: 54-55] . [1] الزكاة للطيار ص 12 [2] الزكاة وتطبيقاتها المعاصرة للطيار ص 14