ولو لم يكن في استعمالات القرآن كلها للفظ الصلاة إلاَّ إطلاقه لها على الدين والإسلام لكفى بهما بياناً لمفهوم الصلاة في القرآن الكريم، حيث جعلهما كالشيىء الواحد الذي لا ينفصل بعضه عن بعض.
وهذا المعنى ظاهر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" [1].
وحديث: "إنَّ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" [2].
فأي تلازم بين الصلاة والإسلام أكثر من هذا؟! وكفى بهذا المفهوم للصلاة في القرآن بياناً[3].
والذي يهمنا في هذا أنَّ الصلاة أُطْلِقَت في القرآن الكريم على الدين وعلى الإسلام، وعلى الإيمان.
وقد جاء في الآية التي هي موضوع البحث {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ ... } الآية.
وسبقتها الآية الكريمة: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وهذا معنى الإيمان.
فلو حُمِلَت الصلاة في الآية التي هي موضوع البحث على الإيمان، أو الدين، أو الإسلام، لم يكن في ذلك بُعْد؛ لوجود التلازم بين هذه الأمور في الاصطلاح الشرعي.
ولو قيل: إنَّ الصلاة في الشرع من الأمور التي إذا اجتمعت افترقت وإذا افترقت اجتمعت، كالإسلام والإيمان. لم أر في ذلك بعْداً أيضاً. وهذا الأمر هو الذي دعاني لذكر المعاني التي جاء القرآن بها للفظ الصلاة. أو التعبير عن الصلاة بما هو من لوازمها أو ثمراتها. [1] رواه مسلم في كتاب الإيمان، حديث 134 ج1/88 [2] رواه النسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة 1/231-232 [3] الصلاة في القرآن ص 18