ولقد جَرَتْ سُنةُ اللهِ بأن السخيَّ بحقٍّ يفوز بالحياة الطيبة، ولا تكون عاقبتُه إلا الرعايةَ من الله والكرامة؛ فلما كان رحيمًا بالفقراء، والمساكين، والمحتاجين، حريصًا على إسعادهم، وإدخال السرور والبهجة على نفوسهم - كان جزاؤه من جنس عمله.
هذا، وإن السخاء ليس مقتصرًا على بذل المال فحسب، بل إن مفهومَه أوسعُ، وصورَهُ أعمُّ وأشمل.
فمن صور السخاء: أن يكونَ للإنسان دَيْنٌ على آخر؛ فيطرحَه عنه، ويُخْلِيَ ذمته منه، وهو يستطيع الوصول إليه، دون عناء ولا تعب.
كان قيسُ بنُ سعدِ بنِ عبادة - رضي الله عنهما- من الأجواد المعروفين، حتى إنه مرض مرة، فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم فقيل له: إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدَّيْن، فقال: أخزى الله مالًا يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر مناديًا ينادي: من كان لقيس عليه مالٌ فهو منه في حِل؛ فما أمسى حتى كُسِرتْ عتبةُ بابِه من كثرة من عاده.
ويدخل في قبيل الأسخياء مَنْ يستحق على عمل أجرًا؛ فيترك الأجر من تلقاء نفسه.