الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية التي في الخطبة: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] إلخ» .
(انفتل: انصرف) .
وذكر أبو داود في مراسيله السبب الذي رخصوا لأنفسهم في ترك سماع الخطبة وقد كان خليقا بفضلهم ألا يفعلوا فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة الكلبي قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الجمعة شيء فأنزل الله هذه الآية، فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الخطبة وأخر الصلاة [1] .
وقوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]
يؤخذ من الآية الكريمة أن قيام الخطيب على المنبر أو المكان المرتفع شرط إذا خطب قاله بعض العلماء. قال علقمة: سئل عبد الله أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائما أو قاعدا؟ فقال: أما تقرأ قوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]
عن جابر بن سمرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد [1] القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، ج18 - ص 97.