وأما الأجير فعليه جلد مائة وتغريب عام" , وأما المرأة فبعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم رجلا اسمه أنيس وقال: "أغد عليها فإن اعترفت فارجمها".
فأنت ترى أن مثل هذا الحكم البربري وجد في العرب في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، والبشر هم البشر لا يمتاز شعب عن شعب إلا بأخلاق الأنبياء وعلوم المدنية، فمن جمع بين هذين جمع السعادة الكبرى.
والمقصود هنا أن الأوروبيين لم يتسامحوا في شأن النساء نتيجة لنهضتهم المدنية، وإنما ساروا - في هذه القضية - على نهج من قبلهم، وأقروه بالعمل عليه، وتأليف القصص التمثيلية وغيرها.
أما حرية المرأة فليست مرتبطة بهتك النساء، وسقوط عفافهن، فقد توجد حرية النساء مع تمام العفاف، وقد توجد عبودية النساء مع غاية التهتك.
ونحن وجدنا آباءنا الأولين الذين سادوا العالم علما وأخلاقا وحضارة ورقيا، وكنا لهم نحن شر خلف لخير سلف، فقد كانوا في قضية النساء على صراط مستقيم، فكانت المرأة عندهم عضوا حيا نشيطا تشاركهم في العلم والعمل في البيت وفي المزرعة وفي ميدان القتال، عليها حجاب يحفظ شرفها ومكانتها، ولا يمنعها من أخذ حقها إذا ظلمت، ولا من مشاركة الرجال في الأعمال السلمية والحربية عند الحاجة، ولذلك أدرك أسلافنا من المدنية أعلاها ومن الرقي ذروته رجالا ونساء، ولم يمنع أدب القرآن المرأة من الرقي، بل هو الذي أوصلها إلى أسناه مصونة العرض والعقل والشرف.
وأما آباؤنا المتأخرون فقد انحرفوا عن الجادة في الدين والدنيا وعلومهما فلما عجزوا عن إقامة صروح العفاف والأخلاق الكريمة, وتنفيذ حدود الشرع المحمدي العظيم، لجأوا إلى الاختفاء والفرار والاختباء، فغلوا في الحجاب حتى دفنوا النساء كما قلتم، ومنعوهن من الخروج، وإذا خرجن يفرضون عليهن ستر وجوههن إلا عينا واحدة أو نصف عين، وجعلوا أصواتهن عورة، وحديثهن مع الرجال وإن كانوا صالحين، وبحضرة محارمهن أو أزواجهن وقاحة، وزادوا على ذلك فقال بعضهم بمنعهن من القراءة والكتابة, فضاعت بذلك حقوقهن التي أعطاهن الشرع المحمدي كالميراث والبيع والشراء والشهادة والوكالة وسائر التصرفات, وصرن بالأموات