وقال أصحاب القول الأول: إن هذه الأحاديث تخصص عموم أحاديث النهي عن الصلوات في الأوقات المكروهة.
وتوجيه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى سدنة بيت الله الحرام من عدم التعرض لمن أراد أن يصلي، أو يطوف لابد أن يكون له معنى زائد عما كان معروفاً من قبل من كراهة التطوع في الأوقات المكروهة.
وأن الطحاوي من محققي العلماء الحنفية ذكر تفسيراً حسناً لحديث عقبة بن عامر بعد ذكر أدلة القائلين بعدم جواز أداء ركعتي الفجر وهذا لفظه:
فإذا كانت هذه الأوقات تنهي عن الصلاة على الجنائز، فالصلاة للطواف أيضا كذلك وكذلك كانت الصلاة بعد العصر قبل تغير الشمس، وبعد الصبح قبل طلوع الشمس مباحة على الجنائز، ومباحة في قضاء الصلاة الفائتة، ومكروه في التطوع. وكان الطواف يوجب الصلاة حتى يكون وجوبها كوجوب الصلاة على الجنائز. فالنظر على ما ذكرنا أن يكون حكمها بعد وجوبها، كحكم الفرائض التي قد وجبت، وحكم الصلاة على الجنائز التي قد وجبت. فتكون الصلاة للطواف، تصلى في كل وقت، يصلي فيه على الجنائز. وتقضي فيه الصلاة الفائتة. ولا تصلى في كل وقت لا يصلي فيه على الجنائز، ولا تقضي فيه صلاة فائتة.
ثم قال: وإليه نذهب خلافاً لقول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله [1] انتهى قوله.
وقال الشيخ عبد الحي اللكنوي في التعليق الممجد:
"ولعل المصنف (يقصد به الشيخ الطحاوي) المحيط بأبحاث الطرفين يعلم أن هذا يعني جواز ركعتي الطواف بعد العصر وبعد الصبح قبل الطلوع والغروب هو الأرجح الأصح. قال: وعليه عملي بمكة قال: ولما طفت طواف الوداع حضرت المقام، مقام إبراهيم لصلاة ركعتي الطواف فمنعني المطوفون من الحنفية - فقلت لهم الأرجح الجواز في هذا الوقت، وهو مختار الطحاوي من أصحابنا وهو كاف لنا. فقالوا لم نكن مطلعين على ذلك، وقد استفدنا منك ذلك انتهى [2] وبالله التوفيق.
1- شرح معاني الآثار (2/189) . [2] نقلا من تحفة الأحوذي (3/606) .