رحمه الله: (لولا البرهان الذي ذكرنا قبل هذا بأن لا فرض إلا الخمس لكانت هاتان الركعتان فرضاً، ولكنهما في غاية التأكيد، لا شيء من السنن أوكد منهما لتردد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما) [1].
ونحن لا نحتاج إلى إقامة الأدلة لعدم وجوب ركعتي تحية المسجد لتوافر أدلتها التي مرت في صلاة الوتر وركعتي الفجر بأن لا وجوب إلا خمس صلوات.
وقد روى ابن أبى شيبة عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون. ولكن يمكن لقائل أن يقول: إن الركعتين لمن أراد الجلوس وليس في هذه الرواية التصريح بإرادة الجلوس وكما اختلف العلماء في أداء تحية المسجد في وقتين.
(الوقت الأول) في حال الخطبة.
أ- فذهب فقهاء المحدثين، والشافعي وأحمد وداود الظاهري إلى استحباب إتيان ركعتي التحية. وكرهوا الجلوس قبلها حتى قال النووي: وإن دخل والإمام في آخر الخطبة، وغلب على ظنه أنه إن صلى التحية فاته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يكون جالساً في المسجد قبل التحية وإن أمكنه الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام صلى التحية. هكذا فصله المحققون. انتهى 2
وكان استدلالهم في ذلك بالأدلة التالية:
1- حديث جابر: قال جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أركعت ركعتين فقال: لا. فقال: قم فاركعهما.
روى هذا الحديث بثلاثة وجوه:
(الأول) فيه تصريح باسم الآتي وهو سليك الغطفانى.
روى مسلم 3 عن قتيبة بن سعيد ومحمد بن روح كلاهما عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر، وروى أيضا عن إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم كلاهما عن عيسى بن يونس عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر. ورواه عبد الرزاق [4] عن معمر والثوري [1] المحلى (5/102) .
2 انظر شرح المهذب (4/924) .
(2/597) . [4] المصنف (3/244) .