وهكذا قال صاحب "أدلّة تحريم مصافحة الأجنبية": "ولا يجوز أن يُعترَض على إعمال قاعدة "سدّ الذرائع" هنا بسلامة نيّة مَن يُصافح الأجنبية وطهارة قلبه، لأنّ الشريعة السّمحة تحظر الفعل المؤدِّي إلى الفساد بغضِّ النظر عن نيّة صاحبة، لأن المنظور إليه في هذا الباب هو مآلات الأفعال، أي: ما تُؤدِّي إليه؛ فما دام المآل فاسداً كان الفعل المؤدَّي إليه ممنوعاً، سدّاً لذريعة الفساد، وإن لم يَقصد فاعلُه الفسادَ بفعله. فإذا خفِي القصد والنيّة، فالراجح عدم اعتبار القصْد لأنه غيرُ منضبط. ولا بدّ أن نعتبر المنضبط لأنّ التشريع لِمجموع الناس وليس لطائفة مخصوصة"[1].
الترجيح: من خلال النظر فيما سبق مما قاله العلماء بشأن حُكم الشرع في مصافحة المرأة الأجنبية، على ما تقرّر من وصْف للأجنبية، وتحليل ما استدلّ به كلُّ فريق، ومناقشة ما أورده من أدلّة تشعّبتْ مسالكُها وتعدّدت طرقُ مناقشتها، فالذي يترجّح هنا الآن هو: القولُ بحرمة مصافحة المرأة الأجنبية مطلقاً، وأنّ هذا هو الأوْلى بالقبول، وهو الأقرب إلى مقاصد الشريعة الإسلامية، والمحقِّق لمبدأ السلامة بالاعتماد على جانب الحيطة، والحرص على البعد عن كلِّ ما يَجُرُّنا إلى الفتنة المحرّمة شرعاً. [1] راجع: الشيخ محمد إسماعيل صفحة 18، 19.