مبادلاً له بالتحية، وفي غاية الهدوء وبدون أيّة غضاضة أو إشعاره بالذنب أو الخطيئة، وإن كان هو لا يفعل هذا وليس من دأْبه المصافحة، فلا يُخطِّئ الآخَرين ولا يجعلها مشكلةً. فلا محلّ للنِّزاع - خاصّة عقِب الصلاة - بما ولّدتْه في الإنسان من صفْو الخاطر وما أحدثتْه من إذابة الفوارق وإراحة النفوس؛ ولهذا فمِن غير اللائق بأن يُعرِض المصلِّي عن مصافحة غيره، أو يَنزِع يدَه من يدِه في عنف، أو أن يَعبس في وجْهه، لأنّ هذا من الجفاء الذي لا يزيد المخالِفين إلاّ شروداً ونفوراً.
وفي هذا يقول الشيخ القاري: "ومع هذا، إذا مدّ مسلمٌ يدَه للمصافحة، فلا ينبغي الإعراضُ عنه بجذْب اليدِ، لِما يترتّب عليه من أذًى يزيد على مراعاة الأدب"[1].
وهكذا، أرى من المحتّم عليَّ الآن: التنبيه إلى عدم جدوى النِّزاع في هذا، وأنّ ما يترتّب على القِيل والقال بشأن المصافحة عقب الصلاة أشدُّ مِن فعْلها؛ بل إنّ حدوث المصافحة بحسب أصلها وما تُحدثه في القلوب، فضلاً عن كونها عقب الصلاة وغالباً [1] راجع: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 4/575.